فيصل خالد الخديدي
الكتابة حالة يعيشها ويتلبسها الكاتب الصادق وتتلبسه, يتجرد فيها من كل مؤثر وموجه له سوى قناعاته وفكره ومحموله الثقافي وماتمليه عليه المصلحة العامة في الشأن الذي يكتب فيه وعنه وكلما أرتفع منسوب الصدق والشفافية والانتقائية المناسبة لاختيار الموضوع وطريقة وأسلوب الطرح كلما أصبحت الكلمات نافذة والعبارات مؤثرة والمقالات بانية للوعي العام ومشكلة له, والكتابة في أي شأن تتطلب إلمام الكاتب بكثير من واقع هذا الشأن وتاريخه ومستجداته واستبصارات مستقبله ليلقلى القبول والإيجاب لما يكتب, وفي الفنون التشكيلية الكتابة ضرورة لاتقل أهميتها عن بقية عناصر الممارسة التشكيلية من فنان ومتلقٍ ومنجز ومعارض وغيرها.. وتأتي الكتابة عن الفنون التشكيلية بعدة مستويات سواء بشكل منهجي أو اجتهادي, فكتابة الخبر عن مناسبة أو معرض وتغطيته صحفياً تأخذ الطابع الإخباري الوصفي أكثر منه في كتابة الزوايا والأعمدة التي تكون على هيئة مقالات إما تلامس الواقع وتقدم رؤى ومقترحات لتطويره أو تقدم قراءة ناقدة مقتضبة عن تجربة فنان أو عمل أو حتى بعض الممارسات في الساحة , وتأخذ الكتابة أيضاً شكلاً أخراً وهي الكتابات التنويرية والتثقيفية التي يبث فيها الكاتب من خلال زاويته النور والتجديد للقارئ والمتلقي بكافة مستوياته وثقافته, وتحضر أيضاً الكتابة التاريخية في بعض الطرح من خلال الزوايا التشكيلية بالصحف المحلية ,والكتابة بجميع حالاتها لابد أن يجرد فيها الكاتب قلمه من جميع الألوان الا لون المصداقية والموضوعية والحياد وأن يكون قائده في الكتابة المصلحة العامة وليست الأهداف الشخصية والمصالح الوقتية فالقارئ له الحق في أن يقرأ الحياد والفكر المتجدد والوعي المجتمعي لايتشكل بالرؤى الضيقة والتكريس السلبي لكل سقطات الساحة وتضخيمها فالنظرة السوداوية قاتلة والمبالغة والتضخيم إيجاباً وسلباً معطل ومظلل للأجيال ,وقوة القلم ونفاذه في نقائه وملامسته لواقع الحال ومتى ماكان متجرداً حتى من صيغة الأنا والشخصنة في خطابه متى ماكان يمثل الكل ويلامسهم فالقاريء ليس بحاجة أن يقرأ مذكرات الكاتب وممارساته اليومية التي يبدأها بالأنا ويشخصن الساحة في ذاته ,ونبل الكاتب في احترامه لأخلاقيات الكتابة وعدم استغلال المساحة التي فتحت له لينشر الوعي والتنوير وتحويلها لتصفية الحسابات والتدمير, فالساحة المحلية بحاجة لنوافذ عدة تفتح للفنون والكتابة وزوايا وأعمدةجميع الصحف والمواقع والدعم والتشجيع للكتابة والتأليف في كل مايخدم الفنون وينميها ويقدمها بشكل منهجي وينشر الوعي والثقافة ويكون لسان الفنان الصادق كاشفا ومحاسبا لزيف البعض ومحذرا من المنزلقات والوقوع في التيه والابتعاد عن روح الفن , فالكاتب الصادق دليل وعي للساحة وقائد تنوير وكاشف زيف وعين الفنان الصادقة متى ماتجرد من الأنا والمصالح ولامس بوعيه حياة الفن والفنان بحب وتجرد وغيرة صادقة.
ترنيمة أخيرة:
(بين أقلام النبلاء وتطفل الدخلاء تبقى الكتابة عن الفن فن...لايجيده إلا من كان على فن).