كاتب فهد الشمري
بينما كان العالم يراقب عن كثب المملكة ويتوقع حصول كارثة اقتصادية بسبب الظروف التي تمر بها المملكة جراء الانخفاض الحاد لأسعار النفط، ولا شك أن منهم الصديق الذي يتمنى أن لا تصبح المملكة دولة ضعيفة بسبب هذا الأمر، ومنهم كذلك العدو الشامت الذي يتمنى أن تكون المملكة في عداد الدول الفقيرة والمتأزمة، جاءت الرؤية الفريدة التي أذهلت العالم أجمع، وبينت لكل المتابعين للمملكة وشئونها أن المملكة ستظل دولة قوية شامخة لا تهزها العواصف العاتية، ولا تؤثر فيها الأعاصير القوية، وكم كان الشموخ ينتابنا نحن كمواطنين ننتمي لبلدنا المعطاء حينما جاءت هذه الرؤية بعيدة كل البعد عن النفط الذي يعتبر مصدراً أساسياً للدخل القومي للملكة على مدة عقودٍ طويلة من الزمن.
لقد ظن العالم أن انخفاض أسعار النفط كان قدرياً محضاً، وأن المملكة لم يكن لها يد في هذا الأمر، ولكن حينما تكشفت الحقائق واتضحت الأمور عرف العالم بأسره أن المملكة هي من سعت لأن تخفض أسعار النفط، لتقرص آذان بعض الدول التي بدأت تلعب بالنار ظناً منها أنها تستطيع أن تهدد المملكة وأمنها الاقتصادي على وجه الخصوص، وأصبح النفط بالنسبة للمملكة سلاحاً تستخدمه للانتقام من أعدائها لا مجرد مصدر دخل يدر عليها المال الوفير.
إن المملكة تملك الكثير والكثير من الأوراق الاقتصادية والسياسية التي تجعلها في مصاف الدول المتقدمة، وإن ما تمتلكه المملكة من مخزون نقدي وأصولٍ يجعلها قادرة على الوقوف تجاه كل التحديات التي تطرأ بين حين وآخر، وقادرة على التعامل مع كافة الأحداث والأزمات والمتغيرات الداخلية والخارجية.
لعل من الأمور العجيبة أن من إحدى المعجزات التي حيرت العلماء والفقهاء على مدار التاريخ هي معجزة الرقم سبعة، فأم القرآن سبع آيات، والسماوات سبع، والأراضين سبع، وعدد السعي بين الصفا والمروة سبعة، والطواف سبع مرات، وعدد أيام الأسبوع سبعة، وسلمان سابع ملوك هذه الأسرة الكريمة التي حولت مسار تاريخ الجزيرة العربية، وغيرت خارطة العالم بعد قرون عدة من الجمود.
إن رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سابع ملوك هذه الأسرة الكريمة قد جاءت من منظور سياسي حكيم مطلع وقارئ، كان مكمن سر الملوك، وحافظ وصاياهم منذ عهد أبيه المؤسس الملك/ عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه-، وحتى الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فهو من أخذ من أبيه الحكمة، ومن أخيه سعود بعد النظر، ومن أخيه فيصل الحسم في الأمور ومن أخيه خالد الانفتاح وتحقيق التنمية الشاملة، ومن أخيه فهد الحنكة وبناء الدولة المؤسسية، ومن أخيه عبدالله الشجاعة وسرعة اتخاذ القرار والعناية بالمواطن، فجاءت شخصيته متميزة فريدة ليكون فريداً في نوعه وتفكيره وأسلوب إدارته للبلاد وحكمه لها، فكان صاحب رؤية من قبل أن يطرح هذه الرؤية التي لا شك ستغير مجرى الأمور على الصعيد الداخلي والخارجي.
إن هذه الرؤية لا تعني المملكة حكومة بقدر ما تعني المواطن قبل أي شيء، لأنه وسيلتها وهدفها، ولأجله انبثقت هذه الرؤية لتخلق أماناً في نفسه، وتعلمه أن حكومته قادرة على تدبير الأمر في كل الظروف المواتية أو الحرجة، خصوصاً إذا ما كانت المقومات التي تمتلكها المملكة تفوق غيرها من الدول التي استطاعت الصعود بقوة إلى مصاف الدول المتقدمة وقد كانت في آخر السلم التي تقع فيه ما تسمى دول العالم الثالث، بينما في الحقيقة أن المملكة تستحق إحدى الدول المتقدمة وصاحبة قرار أممي، لما لها من ثقل سياسي واقتصادي مؤثرٍ على العالم بأجمعه.
إنني شخصياً أتوقع أن تحقق هذه الرؤية نجاحاً مذهلاً وقوياً للمملكة في كل المستويات وعلى كافة الأصعدة، إذا ما نظرنا ملياً في التجربتين الماليزية والتركية اللتين صارتا من أهم الأمثلة التي يحتذى بها في العالم بأجمعه.
إن الرؤية التي تأخذ في اعتبارها كافة فئات وأطياف المجتمع ستلاقي نجاحاً باهراً بلا شك، وذلك لأن الجميع سيكون شركاء في صناعتها، شركاء في العمل عليها، شركاء في جني ثمراتها، ولن يعدم الخير في بلدٍ ورؤية صاحبها سلمان الحزم والحسم، ويقف خلفها ولي العهد الأمير/ محمد بن نايف ويقوم على تنفيذها خطوة بخطوة ولي ولي العهد الأمير/ محمد بن سلمان، فحفظ الله المملكة وحفظ ولاة أمرها ومواطنيها وجعلها على طريق الخير دائماً وأبداً.