كاتب فهد الشمري
(الإرهاب لا دين له) هذه هي العبارة التي أرادت المملكة إيصالها إلى العالم بأسره، إذ إن الإرهاب لا يمكن إلصاقه بدين معين أو جماعة بعينها، فالإرهاب منبوذ بكل أشكاله وأنواعه وألوانه، ومن يتمعن في وقاع الأمور وبواطنها يجد أن الإرهاب يأتي نتيجة للانحراف السلوكي الذي يمارسه قلة قليلة في أي مجتمع هنا أو هناك، ولابد أن ندرك جميعاً أن قبول هذه الأفكار المنحرفة لا يأتي إلا لوجود فراغ فكري وعقائدي لدى شريحة كبيرة من الشباب الذين تاهوا في زحمة الحياة وافتقدوا المرجعية الدينية التي توجههم في حياتهم وأمور دينهم ودنياهم.
إن التحالف الذي سعت المملكة العربية السعودية إليه واستطاعت من خلاله أن توصل للعالم بأجمعه رسالة مفادها أننا نحن المسلمين لا نؤيد الإرهاب، ولا ندعمه، ولا يمكن أن نرضى لأحد أن ينسب إلينا أو لديننا هذه التهمة المقيتة التي لا نستطيع أن نسمعها، فضلاً عن أن نسمع محتواها.
لقد جاء التحالف العربي والإسلامي في وقت أحوج ما تكون فيه الأمة إليه على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية، لأن الأمة تضررت كثيراً من الإرهاب في كل أمورها فدعاة التطرف في الداخل ينهشون فيها، ودعاة التطرف في الخارج يصفونها بالإرهاب جزافاً دون تورع أو تأني في ذلك.
إن الإرهاب لا يمكن أن يلصق بأمة بعينها، أو جماعة محددة بعينها، بقدر ما هو عمل خارج من الممكن أن تقوم به جماعة أو فرد أو حتى دولة، وهو بحد ذاته يمكن أن نفسره نحن بأنه الخروج عن المألوف والمتعارف عليه، فهناك من يمارس الإرهاب بطريقة صامتة تتمثل في التغذية الخاطئة للأفكار الهدامة التي لا تحمل مضمون البناء والإعمار بقدر ما تحمل الهدم والخراب، وهناك من يمارس الإرهاب برعاية تلك الأعمال التي تعتبر خارجة عن كل الأديان والأعراف والتقاليد البشرية، بل الخارجة عن مبدأ الفكرة الإنسانية التي توارثتها الأمم منذ بدء الخلقية فيها، وهناك من يمارس إرهاب الدولة ضد الأقليات المخالفة لمعتقده أو مذهبه، كما تفعله حكومة ميانمار في طائفة الروهينجا المسلمة، أو تفعله إيران مع شعب الأحواز، أو تفعله إسرائيل في الشعب الفلسطيني، أو تفعله الجماعة الحوثية ضد المواطنين اليمنيين، وهناك من يمارس الإرهاب التفجير والقتل والخراب كما تفعله داعش في مناطق العراق وسوريا ودول أخرى.
إذاً فإننا ومن خلال هذا التحالف لا بد أن نعلم جميعاً بأننا نحارب عدواً لا يمتلك أدنى المبادئ الإنسانية التي تجعله كفؤاً للحوار أو المفاوضة، وإنما نتعامل مع عدوٍ لا يحمل في جعبته سوى ثقافة الخراب والدمار والقتل، ولا نتعامل مع جماعة بعينها أو دولة لها حدودها، بل نتعامل مع أفكار تذهب وتأتي دون وجود رقيب في ضمير أصحابها أو رادع ديني أو دنيويٍ من خارج أوساطها.
وأخيراً فإننا نستطيع الآن أن نقول إنه بات باستطاعتنا أن نفخر وأن نطاول السماء بأعناقنا لأننا أصحاب الأمة التي اجتمعت على كلمة واحدة هي محاربة الإرهاب الذي ليس له أصل في ديننا أو كتاب ربنا أو سنة نبينا، وأننا الأمة الوحيدة التي جاء دينها مشتقاً من السلام ودينها الذي جاءت آيات كثيرة من كتابها تدعو الناس جميعاً وليس المؤمنين به فحسب، وأياً قلنا عن هذا الأمر فيكفي أن يعرف العالم أن في القرآن آية تقول: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}.