سعد الدوسري
حينما يسجل الكاتب معاناته الشخصية مع مرفق خدمي ما نكون أمام شهادة مختلفة عن شهادة المواطن البسيط، وذلك لأن الكلمات تجري بيد الكاتب بشكل مختلف، ولأنه قادر على إيصال معاناته بأسلوب احترافي، يقنع الجميع، سواءً القارئ أو المسؤول.
الزميلة سارة مطر، كتبت الخميس الماضي، في زاويتها بجريدة الوطن مقالاً تسرد من خلاله تجربتها في غرفة طوارئ أحد المستشفيات الحكومية: « كنت كالمجنونة أبحث عن الممرضة البليدة كي تزيل إبرة المغذي من يد والدتي، وأفاجأ بمن يقول لي «ممكن تحلي عن وجهي شوي من فضلك»، جيد أنه قال من فضلك، ربما ليجعلها أكثر أدباً ورُقياً! غرفة طوارئ معدة بكامل التجهيزات، وبها ما يقرب من 10 ممرضين وممرضات من مختلف الجنسيات، لا تجد أحدا منهم يتحرك إلا بشق الأنفس، كي يقوم بعمله كما يجب، بينما تجدهم يبحلقون إلى شاشات الكمبيوتر، وحينما تكلم أحدهم يوجهك إلى آخر، وفي النهاية: تهان في أحد مستشفيات وطنك!»
في نفس المقال، كانت هناك إشارة عن ممرضة أتت للعمل للسعودية بالسياق الذي كانت تعمل فيه بكاليفورنيا، وبعد شهرين فقط، تحولت إلى ممرضة «بليدة»، وهذا الوصف لسارة. وهذه الإشارة توحي أن المشكلة ليست في الأفراد، بل في النظام الذي تتبعه مستشفياتنا الحكومية، والذي أصبح سمة كارثية من سمات الخدمات الصحية، يعاني منه كل مريض عيادات خارجية، وكل مريض منوم في مستشفياتنا. والأمر هنا لا يتوقف على أقسام التمريض، بل يتعداه للأقسام الطبية والإدارية.