رقية الهويريني
لئن كانت الزيارة الملكية لتركيا في منتصف شهر إبريل الحالي قد اتصفت بالبذخ ابتداء من استقبال خادم الحرمين الملك سلمان عند سلم الطائرة كحالة استثنائية يقوم بها الرئيس التركي، وحتى وصول الملك للقصر الرئاسي، حيث رافقت فصيلة خيول سيارة خادم الحرمين حتى وقوفه أمام مدخل المجمع الرئاسي الفخم؛ فإن هذا هو نهج الرئاسة التركية وكرمها حين يكون الضيف على مستوى رفيع مثل الملك سلمان الذي وصف الرئيس أردوغان سياسته بأنها صمام أمان للمنطقة، وقدم له على إثر ذلك وسام الجمهورية التركية تقديراً لجهوده البارزة في مختلف المجالات، وبدوره شكر الملكُ سلمان الرئيسَ التركي على الوسام، وأثنى على قيمته المعنوية وعلى روابط العلاقة والصداقة بين البلدين، وأكد حرصه على أهمية استمرار العلاقات.
والحق أن المشاعر الأخوية بين البلدين لم تكن هي محور المباحثات بين خادم الحرمين الملك سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان فحسب، بل كان هاجس توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين يشغل بال الزعيمين، فضلاً عن رغبة المملكة في بناء حلف عربي وإسلامي صلب لمواجهة المخاطر التي تحدق بالمنطقة وخاصة التهديدات الإيرانية المقلقة.
والمتمعن في أهداف الزيارة لا يمكنه تجاهل رغبة المملكة بتحسس مدى مصداقية الموقف التركي في الحرب ضد الإرهاب! ومدى الجدية في الانضمام إلى التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب من جهة، ودحر الطغيان الإيراني من جهة أخرى، وهذا يقتضي قيام تركيا بدورها المناط بها في التناول الإيجابي للملفات الإقليمية والدولية العالقة ومنها ردع النفوذ الإيراني أو تضييق الخناق عليه من الضفة التركية، ولعل الأمر يتطلب دوراً أكثر وضوحاً من إطلاق تصريحات داعمة لموقفها في الصراع الدائر في العراق واليمن، والمشاركة الفاعلة بدحر كل من يحاول المساس بأمن واستقرار المنطقة، لاسيما أن تركيا شريك إستراتيجي في الاستقرار المأمول للمنطقة.
ولاشك أن العلاقات الثنائية بين حكومة البلديين ضاربة في القدم، وسيزيدها قوة المواقف الإيجابية السياسية والاقتصادية المنتظرة من الحكومة التركية الحالية، ولعل هذه الزيارة الفاخرة ترسخ التكامل المتوقع، وتهيئ لتكوين نواة تشكيل مجلس التعاون الاقتصادي السعودي التركي.
أجمل ما ظهر في الزيارة هو رغبة الزعيمين في الاتفاق على الملفات التي يتبنى فيها الطرفان نفس الاتجاه والتقارب، وفي المقابل تحييد الملفات المختلف عليها حول بعض القضايا الدولية وتجاهلها في سبيل بناء علاقات ثنائية بينهما، وتصب في المصالح المشتركة في المجالين الاقتصادي والسياسي.