رقية الهويريني
يحمل المواطن المصري مشاعر التقدير والامتنان للمملكة العربية السعودية، ليس من الجانب الديني فحسب ولكن من جوانب سياسية أيضاً، حيث تبدو مواقف العزة والشهامة في المواقف السعودية من مصر منذ تأسيس المملكة وحتى وقتنا الحاضر.
وتبدو هذه المشاعر جياشة في الشارع المصري الذي يستقبل خادم الحرمين الشريفين في زيارته التاريخية لمصر. وعادة تتضمن الزيارات الرسمية كثيراً من البروتوكولات وبحثاً للقضايا العالقة، عدا عن الاتفاقيات الاقتصادية التي تتطلب توقيعاً. بينما هذه الزيارة المهمة ستحقق ذلك وستدحض الشبهات التي تدور في الخفاء وتبرز حيناً على السطح حول التباين في بعض وجهات النظر بين الحكومتين ويتم تضخيمها لدرجة التشكيك بوجود خلافات جوهرية، ونسوا أو تجاهلوا أن العلاقة بين البلدين تتجاوز وجهات النظر العابرة إلى علاقة تضرب جذورها في القِدَم، وهي وشائج لم تنقطع يوماً بين البلدين وروابط وثيقة لم تنفك بين محوري الوطن العربي وقطبيه، وإن أصابها فتور في وقت ما.
والمملكة العربية السعودية تؤمن إيماناً مطلقاً باستقلالية القرار المصري وسيادته، بيد أنها تؤمن أنه من المستحيل أن تقوض العلاقات الراسخة بين البلدين، ولا بالثقل فالمملكة ومصر عاملان رئيسان في استقرار المنطقة ويشكلان بتضامنهما القوة الحقيقية لإفشال المخططات الإرهابية والفوضوية في الدول العربية
ولعل الرد السعودي على تلك الخيالات المريضة أبلغ دليل على عمق العلاقة التي تربط بين البلدين والتي تتنامى في كل عهد من عهود القادة في البلدين حتى صارت أكثر قوة وتماسكاً لاسيما في المواقف السياسية والتفاعلات مع الأحداث الإقليمية والعربية، والرد السعودي لم يكن بياناً سياسياً، بل زيارة ملكية من النوع الفاخر؛ حيث إن لمصر مكانة خاصة لدى الملك سلمان، وحتماً ستشهد اتفاقيات تعاون لتطوير علاقات الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات، وستخرج بلا شك ببيانٍ سياسي يحمل محتواه إصلاح البيت العربي ورأب صدعه خصوصاً وهو يواجه أطماعاً إيرانية خطيرة تهدد وجود وسيادة ومستقبل الدول العربية عامة.
ووصف هذه الزيارة بالتاريخية؛ لأن المواطنين من كلا الدولتين وبقية الشعوب العربية يتطلعون لنتائجها بتفاؤل سواء في بناء العلاقات الإستراتيجية أو إقامة شراكة كاملة، أو رد العدو الغاشم، وهذه الآمال والتطلعات تصب في مصلحة الشعبين السعودي والمصري والأمة العربية جميعها.
وحين تسود لغة الدبلوماسية والحوار بين الدولتين فإنهما ستخرجان حتماً بعلاقات أكثر رسوخاً وروابط أشد تجذراً.