رقية الهويريني
في خطبة استثنائية هادئة وغير محتقنة - كالمعتاد في بعض خطب الجمعة - حيث لم تحمل تكفير المخالفين، والشتم لليهود والنصارى، والدعاء على الليبراليين والممثلين؛ شكر خطيبُ جامع الإمام فيصل بن تركي بالزلفي الشيخُ محمد البدر رئيسَ البلدية مسفرَ الضويحي، وأثنى عليه ووصفه بأنه يعمل بصمت ويبذل وقته وجهده وجاهه في حاجة الناس، ولا ينكر جهوده إلا جاحد! وذكر في خطبته أن المجالس لا تكاد تخلو من ذكر جهوده والثناء عليه والدعاء له. وبعد أن شاع بين الناس بأن رئيس البلدية سوف يرحل؛ رأى الخطيب أن يخصص جزءاً من الخطبة ليثنيه عن قراره، ويصف رحيله بالمصيبة على المحافظة!.
وقد استأذن الخطيب المصلين بإرسال رسالة لرئيسَ البلدية يرجوه فيها البقاء، وأشاد به وهنأ الوطن بوجود مثله من رجال الدولة، كما اعتذر له من التقصير نيابة عن أبناء المحافظة إن بدرت منهم إساءة أو نقد جارح، وأن النقد والإساءة لم يسلم منهما أحد سوى القاعدون الخاملون، ثم داعب مشاعره ووصفه بأنه يملك الثقة والمحبة ورجاه ألا يلتفت إلى المسيئين ووصفهم بأنهم مثل من يحثو الغبار ليغطي جمال القمر فيعود الغبار على وجهه وعينيه، واستعطف الخطيب اللبيب رئيس البلدية بقوله: «وفاءً منك لمحبيك، وتسامحاً منك لمضايقيك، نطلب منك عدم الرحيل، ذلل ظروفك الشخصية وأكمل مشروعك التنموي ونحن معك».
والحق أن هذه الخطبة غير تقليدية، ولامست هموم السكان وتطلعاتهم المدنية، ولاقت تفاعل الناس وكتبوا عن مشاعرهم الصادقة نحو رئيس البلدية عبر مواقع التواصل الاجتماعي يثنون على جهوده ويشكرون جميل صنعه، ونشاطه وإبداعه.
وبعد أن سمعت الخطبة الجميلة التي تتضوع كرماً ومروءة وتفوح سمواً ونبلاً؛ بحثت عن جهود رئيس البلدية فوجدت أن هذا الرجل المخلص يستحق الشكر، حيث أصبحت محافظة الزلفي بتعيينه تكتسي بالجمال والمناظر الخلابة واللمسات الإبداعية والمشاهد الجمالية من خلال إنشاء المنتزهات والحدائق العامة، عدا عن المرافق والطرق التي أنشئت بأفكار متطورة ابتكارية، وظهرت لمساته في مواقع متعددة، فتطورت المحافظة تطوراً عظيماً في وقت قياسي، وصارت أعماله تشهد له في كل حي، وفي كل شارع.
وتزخر محافظة الزلفي بالمخلصين في أداء أعمالهم الوظيفية، ويبدو أن الإخلاص والأمانة كالعدوى الجميلة تسري بين رجال الوطن هناك، كما يسكن الخير والوفاء سكانها.