سام الغُباري
- كتب توفيق صالح عبدالله صالح، وهو ابن شقيق الرئيس اليمني المخلوع منشوراً على صفحته بفيس بوك يقول إن الحوثيين يريدون تحويل الصحفيين إلى «سعوديين» واستشهد باسمي في معرض تدليله واعتراضه الخجول على اختطاف الحوثيين لصديقه
المخلص الصحفي «طاهر حزام» مراسل الرأي الكويتية.
- فتح «توفيق» الباب، ولم أفتحه أنا، أراد أن يُدلل على «سعوديتي» كأنها تُهمة للهاربين من انقلاب حلفائهم الحوثيين، ولي فيما قاله قول وأقوال.. فأتبعوني:
- يشرفني أن أكون سعودياً، يسعى ملايين اليمنيين للحصول على إقامة نظامية في هذا البلد العظيم لاكتساب عيشهم وأرزاقهم، يعرفون أن لا عيش عندكم ولا كرامة تحفظ لليمني حقه في أن يكون حُراً دون أن تقبضوا على مصادره وشركات البلد، وتموينها وأحوالها، لقد ترعرعنا على الحرية، وحين وجدناها تهمة في بلدنا بعيد انقلابكم مع الحوثيين على الرئيس الشرعي للبلد، هاجرنا إلى مليك لا يُظلم عنده أحد، لم يعاملني أي سعودي بقسوة، لم أشاهد أحداً منهم يسخر من قواتنا المسلحة التي فشلت في تأمين أجواءها لخمس دقائق فقط، ولا مدرعاتها أو صواريخها، نهبها الحوثيون وأنتم تسمعون وترون وتصفقون، وحينما كانوا يقتلون الجنود على أبواب صنعاء، كنتم تنتشون فرحاً بعصابة تهتك أفراداً من جيش الجمهورية.
- لم يغلظ سعودياً القول عليّ، ويأمر بطردي من بلده الكبير لأن بعض أهلنا يقاتلونهم على الحد الجنوبي، وحين كان ابن عمك (طارق) يحرض عليّ بعد حادثة التوشكا الأليمة التي أوقعت شهداء كُثر في منطقة صافر، وينسبها إليّ ويدعي أني من قمت بتزويد إحداثياتها إليكم، كنت أخطو حدود المملكة بكل ترحاب واحترام، وأمن وأمان، وهم ليسوا أصدقائي وأنتم كنتم كُذلك!
- لست أنا الذي يغضب من الديمقراطية، وينقلب عليها لأنها لم توصله إلى كرسي الرئاسة مرة أخرى، وقد كُنا معكم، نراكم أجدر بنا كشعب تائه ومُجهد، بعد فشل التوافق وحكومات الربيع الضال، لكنكم شئتم أن ترهنوا تاريخنا وأحلامنا لعصابة سلالية نازية، خرجنا لنقاومها، فتركتمونا هناك على الطريق، وسلمتم لها سلاحاً وعتاداً يفوق ما رصفتموه لليمن من طرق لمئات السنين. فقتلونا بالسلاح المخزون، ودمروا منازلنا ونهبوا سياراتنا ولاحقونا بكل الرصاص المعبأ في بنادقهم.
- هل تذكر يا توفيق، حين سُجنت وأنا صديق عائلتكم المُدلل كيف تركتموني وحيداً، أواجه بشاعة الظلم والإتهامات والشائعات الوقحة، ولم يجرؤ أحدٌ منكم على إدانة الظلم، كنتم تختلسون التواصل بي على البريد الخاص بعد أربعين يوماً من الاختطاف والإخفاء القسري، لم تقولوا لحلفائكم أن هذا الذي يكتب رجلٌ منا، ومعنا، ولن نسلمه لكم؟ ولو كان متهماً ومُلبساً بالعار حتى أخمص قدميه، لقد تعودتم أن يقف الناس معكم بكل براءة وإيمان، لكنكم لم تتعودوا الوفاء لأهل الوفاء، وفوق هذا تأتي لتُنكر كل ما قدمته من أجلكم، ومن أجل سلطتكم ودولتنا التي كانت لنا جميعاً، ثم تقول لي أني سعودي!.
- هل تعرف من هم آل سعود، إنهم عائلة متجذرة في حُكم هذا البلد منذ مئات السنين، من عهد الدولة الأولى إلى هذه الدولة الراشدة الحكيمة، عشرات الأمراء مروا على الحُكم، وكل ملك يأتي بمحبين أكثر، حتى صاروا عائلة واحدة، لا ينام رعاتها إلا وقد بحثوا ودبروا وتدابروا كيف يمنحون رعيتهم المال والعمل والتنمية، ملايين السعوديين تعاملهم قيادتهم بالمحبة والسلام والكرم والعطاء، حشدوا كل الجنسيات التي تعمل في أراضيهم من أجل راحة مواطنيهم، الحصول على جنسية سعودية طاقة نعيم تفتح أبواب مجد وكرامة وعيشة راضية ثرية، المؤمنون أثرياء والشياطين يعدون أنصارهم بالفقر، هكذا تقول كل الأنظمة ودساتير الطبيعة وقوانين التاريخ.. فهل تقرأون؟.
- يموت السعودي المرابط في حدود البلد دفاعاً عن أرضه وكرامته، فيتزاحم أمراء العائلة على باب بيته للسلام على ورثته، يُقبلون جباه أولاده، ويرفعونهم على أكتافهم، ويتولون أمانتهم، تتغنى بهم الصحف، وتمنحهم الدولة أوسمة الفخار التي لا تُبلى، فماذا فعلتم.. أرسلتم ستون ألف جندي إلى محرقة ستة حروب مع الحوثيين ثم أضعتموهم، ومددتم يدكم إلى القاتل تصافحونه بحب وسلام، أهنتم أصدقائكم وأضعتم رجالكم، حتى بقايا الذين ما يزالون في حرس العائلة تدفعونهم للقتال والإنتحار على حدود المملكة بلا مبرر، وفي مدن الجمهورية، ثم تتبرؤون من جثثهم، وتنكرونهم، فيأخذ الحوثيون صورهم وينسبونهم إليهم!.
- ستون ألف يا توفيق، ماتوا بلا سبب، كانوا يعتقدون أنهم يحمون الدولة والنظام والجمهورية، ولو عرفوا أنها حرب خائفة من بروز تكتل جديد ينازعكم السلطان ما قاتلوا وحاربوا، لو أنهم عرفوا أن علي عبدالله صالح سيحتفي بهم في ميدان السبعين بعد 12 سنة ما ذهبوا إلى هناك للبحث عن رأس البغي.
- نحن لا نبيع، ولكننا نشتري رجالاً ودول، حتى وإن انتكست الشرعية الدستورية -لا سمح الله- فلن أتراجع على ما أنا مؤمن به، وهو حق الدولة في بسط سيطرتها، وعودة الإخاء والنسيج اليمني وفق قانون يحكم الجميع.
- إن ضياع ستين ألف جندي في حروب تراجعتم عنها كفيل بمحوكم من تاريخ الدنيا كلها، وليس من الحكم فقط، إن هذا الرقم ليس مجرد عدد بل لحم ودم وأرواح، وأيتام وجرحى ومستقبل تحفه المخاطر ويذهب بالناس إلى الجحيم!، وهذا ما لا يفعله آل سعود، فهم يحفظون معنى الدولة ويدركون أساس الحُكم وأركانه وأسباب استمراره وبقائه. إنه الخير والأمل، العطاء والمُثل، القيم والوحدة، التصرف ككبار في كل شيء، وعلى نهج واحد لا تلفه المراوغة ويكسوه الخداع والضحك على دقون الأقيال والعشائر الأصيلة.
- هل تذكر يا توفيق، حين قلت لي أن النيابة العامة التي يسيطر عليها الحوثيين أصدرت أمراً بتمديد سجني، كنت ترى أن ذلك أمراً قانونياً، وقد أجبتك أن حكومة «باسندوة» أصدرت أمراً باعتباركم فاسدين وقتلة، ومع ذلك لم نصدقهم، ولكنكم صدقتم ما يقال عني، لأني مواطن عادي، تركتموني بعيداً عن جواركم، قلت لكم: تأكدوا قبل أن تصيبوني بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين، ومثلكم لا يندم!.
- هل تذكر يا توفيق، حين جئتك في مساء غامض، كنا وحيدين، سألتك تحت نور مقيلك الهادئ، هل بقي لكم أملٌ في كبح جماح الحوثيين، وإعادة الوضع إلى ما هو عليه، وتحفيز الجيش للسيطرة على الموقف بديلاً عن عصابة الحوثيين النازية، قلت لي أنكم لا تستطيعون فعل شيء، وأن الحوثيين سيطروا على كل شيء!، ومع ذلك أردتموني أن أبقى معكم، ألعق أحذية السلاليين وأنافقهم، أكتب مدحاً في قناصتهم وميليشياتهم التي تتوزع في محافظات اليمن لقتل كل من يرفع رأسه لرفض خياراتهم العسكرية.
- لا يا توفيق، لقد تربينا على الحرية، ولم أقبل قدم إنسان في حياتي، ولن أفعلها بعد هذا العمر الفتي، هاجرتكم وهجرت ضياع وفائكم، وإخلاصكم لأنصاركم، وهاهو «طاهر حزام» الأقرب إليكم، لن تلقوا له بالاً، ستتركونه للذئاب، يشوهون سمعته، ويتركوه في ممرات القصف ميتاً بلا إشارة تحدد مكان رفاته.
- لا أريد أن أموت في سبيلكم، فالعشق المميت في عائلتكم ممنوع، لست منكم، وخير لي أن أكون سعودياً ينتمي إلى عائلة أصيلة في الحكم والوفاء والكرم مرفوع الرأس في كل دول العالم، على أن أكون «عفاشياً» ضائعاً بين أقدام الحوثيين!.
- لقد خلقني الله حُراً، هذه ميزتي التي لن أتخلى عنها، وإن كانت السعودية دولة لم تعد تروق لكم، فلسنا مضطرين للدفاع عن كرسي تخليتم عنه، وسلمتموه لخصومكم، وانتقمتم لأجله بشعب كامل، يموت في كل شارع!.
- قد كُنت صامتاً، بعيداً عن قول ما يؤذي، ولكن الذي كتبته عني ألزمني الحُجة والرد، وإن عدتم عُدنا، ففي القلب والخواطر ما يُغني ألف كتاب ومجلد، وإلى أن تفيقوا من غيكم، أترككم للمستقبل الذي لا يقبل العبيد.
وإلى لقاء يتجدد،،،
** **
(*) كاتب وصحفي يمني