سام الغُباري
وصل الرئيس اليمني إلى الكويت، وهذا يعني أن عهداً طويلاً من الغربة اليمنية عن المحيط الخليجي قد تتوقف، ويعود اليمن لمكانه الطبيعي كما كان قبل أن تتهور إدارة الرئيس المخلوع في عزلة اليمن إقليمياً وعربياً،
عقب أحداث الخليج العربي التي ساند فيها الغزو العراقي للكويت الحبيبة، فلم ينل ذلك النظام الرديء سوى الخسائر والهزائم الاقتصادية والسياسية التي أنتجت جيلاً من المعزولين عن عالم ما بعد الحداثة.
نحن في اليمن خليجيون بالفطرة، أرضنا، جيرتنا، عمقنا الاستراتيجي، جغرافيتنا، تركيبتنا، مجتمعنا العشائري، مفاهيمنا العربية العميقة، وبكوننا أيضاً أصل العرب ومهدها كما يقول المؤرخون، لا يستطيع الخليج تركنا لقدرنا، أو أن تذهب بنا حماقات قيادتنا السابقة إلى الخطر، وحين كان المخلوع «علي عبدالله صالح» مانعاً لكل التعاون الاستراتيجي مع الخليج، يستطيع اليوم الرئيس عبدربه منصور هادي أن يحقق هذا التعاون ويضمن تدفقاً اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وأمنياً وتنموياً هائلاً لليمن وفق ضمانات ما بعد (عاصفة الحزم) التي ترى أن المنطقة العربية برمتها يجب أن تتوحد خلف الخليج العربي وملوكه وأمراءه، بما يحقق الاستفادة من طاقات اليمن وإمكاناتها لتكوين علاقة أخوية حقيقية قائمة على فضائل العلاقات الطيبة والتعاون المشترك.
حالة العداء التي خلقها نظام (صالح) خليجياً ويمنياً لم تكن مبنية على أسس واضحة، ففي الخلافات والعداوات تُدرك الأطراف أسبابها، إلا في الحالة اليمنية مع إخواننا دول مجلس التعاون، كان (صالح) يرى كل شيء من زاويته الشخصية، وردوده الخاصة على قرارات أو اتفاقات وتفاهمات معينة، لم يكن للشعب اليمني دور في ذلك، ازدادت عزلة اليمن وضاع دوره، وحوّله صالح إلى مخلب قط يبتز به الجيران لمصالحه وثرائه الأسطوري.
نحن ضحايا، خمسة وعشرون مليون يمني صاروا ضحية نظام مجنون وانتهازي، غادر أخيراً إلى الماضي بكل سيئاته وأفعاله، واليوم نرى رئيسنا الجديد يخوض معركة التحرير مع قيادات ودول التحالف العربي، التي قررت أخيراً وعرفت كم نحن أبرياء ومحبين لأهلنا وخليجنا، وأن حالة العداء التي عوقب لأجلها شعب بأكمله يمكن أن تعيد صياغة العلاقات داخل منطقتنا الخليجية والعربية.
لن ننسى دور الكويت التاريخي في اليمن، تعلمنا على أيديهم ومن أموالهم التي بذلوها من أجل وعينا وتنويرنا، لن ننسى كل الطرقات والمستشفيات ووحدات الإسكان التي أنشئوها في بلدنا الفقير الطيب، ومثلما عانى الكويت من ويلات القرار اليمني المتهور، وشكل لهم صدمة وطعنة في خاصرتهم لحظة محنتهم التي كان يجب أن تُبادل بالوفاء، فقد كان الوباء والبلاء أيضاً على الشعب اليمني الذي أدخله (صالح) نفقاً مظلماً منذ تسعينيات القرن الماضي حتى اليوم، وهو ما دعا المتنورين وذوي العقول إلى هجرة اليمن بعد أن صار البقاء فيها مستحيلاً في ظل نظام فوضوي كان حريصاً على إنتاج مئات المهربين لإيذاء الخليج، وتدمير سمعة اليمن وتحويلها إلى ذراع انتهازي لمن يدفع أكثر.
الرئيس اليمني في الخليج، وفي عاصمة الكويت الحبيبة تحديداً، نتمنى لزيارته النجاح ولعلاقاتنا الأخوية مزيداً من الرسوخ والتعاضد، فهذه الأيام عصيبة بما يكفي لتجعلنا صادقين أكثر في علاقاتنا وتعاوننا وإستراتيجيتنا في المستقبل.
.. وإلى لقاء يتجدد