سام الغُباري
من قال إننا نكره الحوثيين لأماكنهم وأسمائهم وإن كانوا يدعون الاصطفاء المتكئ على نبوة نبي لا يعترف بهم حـكامًا أو أشخاصًا مميزين، أو حتى نسبًا متصلاً إليه! الفكرة أننا نرفض
اللص، القاتل، المجرم، العنصري، التميز العـرقي، استخدام الدين كحق عائلي، السحت، العبودية
كل هذه الصفات السابقة مرذولة في أي مجتمع متماسك وإن كان كافرًا. لقد حارب النبي - صلوات الله عليه - الجاهلية! قاتل الجاهلية التي تمنع الحرية في اختيار ما نريد، قـاتـل الظالمين الذين يرفضون حق الإنسان في تحكيم عقله، والسؤال: هل تجوز عبادة الحجر؟ قاتل العبودية التي تحول الإنسان إلى كائن مقاتل أعمى بلا بصيرة أو ضمير، قاتل اللصوصية التي تنهب حقك أمام عينيك دون أن تملك نصيرًا يعينك لاستردادها. لقد أمر النبي العظيم أن يمنح الرحمة للعالمين، وأن يرفع السيف - بإذن الله - لملاحقة أبي جهل الذي شارك في طرد المستضعفين من بيوتهم إلا أن يقولوا ربنا الله.
لقد حرر نبي الرحمة الإنسانية جمعاء من عبودية الفرد إلى عبودية الإله القدير، وارتفعت أسهم زيد بن حارثة وعمار بن ياسر وبلال بن رباح، صاروا نجومًا حقيقيين في دين لا يعرف التمييز، حتى النبي نفسه ليس مميزًا إلا بكونه الرجل الجميل الذي اختاره الله ليكون نبيه الآمر بين الناس بالمعروف والناهي عن المنكر، الساعي إلى العدل والتقوى، باللين والصبر، بالابتسامة والهدوء، يقول لهم: إنما أنا بشر مثلكم ولكن يوحى إلي، أنا ابن آكلة القديد!
الرسول لم يقاتل أحدًا بقراره هو، كان كل سيف يرفعه، وكل معركة يخوضها بأمر الله، ودفاعًا عن السلام، ذودًا عن الحق، نصرة للاستقرار والحقوق والمحبة والجمال والرحمة والأخلاق، لم يكن كهنوتيًّا ولا داعيًا لعائلة ولا ظالمًا بائسًا ولا مستقويًا لضعف خصومه، لم يكذب ويدعي أن عتبة أو أبا سفيان يتعاونان مع الروم، لم ينهب بيوتهم وملابسهم وبطانياتهم ومراقدهم لأنهم كفار! لم يوعز إلى أصحابه أن يختطفوا أمية بن خلف ويعذبوه كما فعل ببلال الصامد الصابر.
نحن نكره الحوثيين ونقاومهم لأنهم جاهليون، ضد التعليم، وعكس السلام، انقلابيون، مرتزقة، بائعو مخدرات، قتلة، حجريون، آكلو سحت، ومصاصو دماء الشعوب، خاطفو الأطفال، ناهبو الحقوق، وظالمون، انتهازيون، طائفيون، يعتقدون الولاية المطلقة، يرفضون حق الشعب اليمني في اختيار حاكمه على أساس شوروي، قمعيون وطبقيون.
نحن نقاومهم لأننا نبحث عن الدستور والقانون، وهم يصيغون المبادئ الفكرية كي يحكموا شعب اليمن بالحديد والنار، نقاتلهم لأنهم يريدون تحويل القرآن الشريف إلى رواية، نحن نواجههم وجهًا لوجه بالكلمة والقوة، بالجلد والبأس، بالرفض والسخرية، بالقتال دفاعًا عن النفس، جاؤونا من قراهم وكهوفهم السوداء لاستعبادنا، وهل يـستعبد اليمني؟ هل يقرأ هؤلاء البغاة الفائضون عن حاجتنا كمجتمع من هو اليمني؟ إنه قلادة الصخر، وعبق البحر، فولاذ الأرض، ورائحة الحقول، إنه نسيم ورد الأقحوان، وقمح السهول، إنه حمير وقتبان ومعين وسبأ وكـنده، إنه عـلم زبيد وأسطورة الكامل، سيف الزبيدي، وقصر غمدان، فمن أنتم يا بقايا بغايا الفرس، وأحفاد الرايات الحـمر.. هل تجرؤون؟
يجب أن يسمعنا العالم ليعرف أن اليمنيين اليوم يسطرون أعظم ملاحم الفداء والصمود في تاريخ البشرية، يقاومون المشروع السلالي اللاهوتي، يواجهون العنصرية والفسق والإجرام، يتحدون بدمائهم لمواجهة كربلاء فاشية، يقاتلون بالحجارة والتراب والعصي والسكاكين وما توفر من الأسلحة لمواجهة دبابات الحوثيين وجيوشهم التي خانت العهد وقتلت الأبرياء المستضعفين في بيوتهم.
يجب أن تسمعنا كل مخلوقات الأرض أننا ننشد الحرية لنا، ولعيالنا، وأحفادنا، لا يمكن أن يُستعبد اليمنيون وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا، لا يجوز لأحفاد الأقيال ورجال القبائل الحميرية الأصيلة أن يرضخوا لدراويش الكهنة والسحرة البغضاء، للصوص التاريخ، ومزوري الدين، ومفجري البيوت.
نحن هنا، وهنا اليمن، هنا تعز وعدن وحضرموت، هنا المهرة وإب وابين، هنا ضالع الضلوع، ومأرب الصمود، هنا أقيال الجوف ولحج الفن والخلود، هنا شبوة الهلالية، ويافع التحرير، وصعدة الشماء، هنا عمران الفتية وذمار الذكية وريمة الفداء، هنا حجة والمحويت، وحديدة الساحل الطيب، هنا زرانيق الصخر والوادي، هنا الرجال الذين أدهشوا العالم وأقاموا الدولة، هنا الأشعري وعبادة بن الصامت، رجل بألف رجل، هنا القعقاع بألف فارس، هنا أصغر النقباء أسعد بن زرارة، هنا خولان بن عامر، هنا مراد، والجدعان، هنا الملايين هبت من مضاجعها تطغى وتكتسح الطاغي وتلتهم، هنا صنعاء.. فهل تسمعون؟
هل تسمعون يا هؤلاء صرخة اليمني من على جبال صبر وعيبان وردفان، وفوق مآذن المدن، ليس لكم مكان في بلادنا، هذه هي اليمن بلد الطاهرين، بلد كالمحيط، يلفظ الجاهلية كما تـلفظ الجيف الميتة، وينهار المسوخ أمام الحقيقة والضوء، ستهربون إلى جحوركم وكهوفكم مثل أي خفاش مقزز يخشى أن تلسعه أشعة الشمس، نَـحْنُ الَيمَاْنِيوُن تَطَاوَلَ اللَّيْلُ عَلَيْنَا دَمُّونْ... دَمُّونُ إِنَّا مَعْشَرٌ يَمَانُونْ وإِنَّنَا لِأَهْلِنَا مُحِبُّونْ.