جاسر عبدالعزيز الجاسر
يغمض عينه عن الحقيقة كل من يدَّعي أن السعوديين جميعاً يستفيدون من التأمين الطبي، إذ يؤكد أمين مجلس الضمان الصحي التعاوني في حديثه أمام منتدى الأحساء للاستثمار أن السعوديين المستفيدين من التأمين الطبي هم ثلاثة ملايين فقط مقابل سبعة ملايين ومئة ألف وافد، أما الخمسة والعشرون مليون سعودي الآخرون فبعضهم يستفيد من المستشفيات الخاصة بالعسكريين ورجال الأمن والحرس الوطني وشركة أرامكو، وطبعاً جميع تلك المستشفيات متواجدة فقط في المدن الكبرى، أما البقية فهم محرومون من الحصول على الخدمة الطبية، ولا يوجد أمامهم سوى المستشفيات الحكومية التي تصل مواعيدها إلى ثلاثة أشهر وأكثر، أو التوجه للمستشفيات الخاصة التي لا يوجد أحد يراقب أداءها، وخاصة في (جباية) المواطن، خصوصاً الذي لا يحظى بالتغطية التأمينية، فلابد أن يصاحب الكشف الطبي إجراء التحاليل الطبية وسلسلة من المراجعات تجعل المواطن المريض يتشكك في وضعه الصحي، وبعضهم أخذ يتخوف من مراجعة تلك المستشفيات التي تخصص نسباً للأطباء الذين يطلبون من المرضى إجراء تحاليل طبية ويرفعون في قيمة فاتورة العلاج.
وهكذا، بين مطرقة المستشفيات التجارية الخاصة التي أصبح همها جباية المواطنين وسوء تقديم الخدمة في المستشفيات الحكومية باستثناء مستشفيات محددة؛ كمستشفى الملك فيصل التخصصي، ومستشفى الملك خالد للعيون، والمستشفى العسكري ومستشفيات الأمن العام، ومستشفيات الحرس الوطني، يبقى المواطن السعودي محروماً من خدمة طبية مقبولة حتى تلك التي يدفع من جيبه الخاص للحصول عليها.
كبار المسؤولين الصحيين، سواء في وزارة الصحة أو الهيئات الرديفة، يفاخرون بأنهم يؤمنون التأمين الطبي للوافدين وأسرهم. فحسب تأكيد أمين مجلس الضمان الصحي التعاوني أن المستفيدين من التأمين من الوافدين وأسرهم بلغ سبعة ملايين ومئة ألف من مجمل عشرة ملايين يحصلون على الخدمة، مما يعني أن أقل من30% من السعوديين يحصلون على هذه الخدمة، إذ يحصل ثلاثة ملايين منهم على التغطية التأمينية الصحية، والخدمة محصورة على الموظف وأبنائه وزوجته فقط، فالتأمين لا يشمل والده ووالدته كما أن التغطية محددة ولا يمكن تجاوز قيمتها، ومعنى هذا أن المواطن محروم من العديد من الامتيازات التي يحصل عليها الوافدون وهو حق لهم؛ إذ طالما استقدمت موظفاً أو عاملاً فلابد أن تؤمن له العلاج الطبي، ولكن من يقدم الخدمة الطبية للمواطن بعد أن ثبت عجز وزارة الصحة في الرفع من شأن المستشفيات الحكومية وعدم تنفيذ الوعود الكثيرة التي سمعنا عنها؟.
يعرض وزير الصحة تخصيص المستشفيات الحكومية، وهو أمر قد يوفر حلاً مرضياً، خاصة إذ ما عزز بإيجاد نظام تأمين تكافلي شامل يفتتح للاشتراك بدفع رسوم سنوية لجميع المواطنين تحول العلاج في المستشفيات من مجاني مفتوح لا يستفاد منه لأنه يقدم بلا ضوابط، إلى علاج مدفوع يجعل من يحصل على الخدمة يطالب بحقوقه التي دفع أجرها، ويتخلص من شوائب ممارسات المستشفيات التجارية الخاصة التي حولت أجساد السعوديين إلى مشاريع استثمارية يجني منها الأرباح على حساب صحة المواطنين.