جاسر عبدالعزيز الجاسر
تتواصل الاعتصامات والتظاهرات الجماهيرية للشعب العراقي حول المنطقة الخضراء في بغداد، يقود هذه الاعتصامات رجل الدين العراقي مقتدى الصدر، الذي اقتحم المنطقة الخضراء وأقام خيمة داخلها مدشناً الاعتصام داخل المنطقة.
مقتدى الصدر أصبح ظاهرة لا يمكن تجاوزها عند الحديث عن حالة العراق في عهد الاحتلال وما بعد الاحتلال، ومقتدى الصدر يتميّز عن غيره من رجال الدين في الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها، وينحدر من عائلة قدمت للشيعة أهم وأكثر المراجع الشيعية العربية علماً وقبولاً لدى الشيعة في العراق وخارج العراق، وحتى في إيران التي تحاول تحويل بوصلة المرجعية الشيعية الكبرى من النجف في العراق إلى قم في إيران.
مقتدى الصدر هو ابن المرجع الشيعي الكبير محمد باقر الصدر صاحب المؤلفات العلمية الكبرى، مثل المرجع العلمي للاقتصاد الإسلامي «اقتصادنا» والمرجع الفلسفي «فلسفتنا»، والذي قدم العديد من المؤلفات العلمية الرصينة التي أوضحت العلاقة المتينة بين الإسلام والعلوم النافعة للبشرية.
والعلاّمة محمد باقر الصدر الذي يتهم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بأنه أمر بقتله، ظهرت معلومات جديدة بأنّ نظام خميني في إيران هو الذي كان وراء مقتل محمد باقر الصدر، بهدف إضعاف التأثير العربي العراقي على مرجعية الشيعة ونقل التأثير إلى قم الفارسية. فالصدر الكبير كان عربي الانتماء والولاء والأصل، عكس المرجعيات الشيعية الأخرى التي أن أقامت في النجف العراقية، فإن بعضها يرجع لأصول فارسية أو أفغانية أو باكستانية، على عكس المرجعيات الأخرى كالخالصي وحسين الصدر في كاظمية العراق، وغيرهم من المراجع الشيعية والذين تعرضوا للتهميش بل وحتى الحرب عليهم، كالذي يتعرض له من يتمسك بانتمائه العربي، وهو ما ناله مقتدى الصدر الذي بدأ يظهر مواقف تتعارض مع ما يفعله ملالي إيران ومن يمثلوهم في العراق، فبالإضافة إلى تعزيزه الانتماء العربي حرّم شتم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات، ولمقتدى الصدر قول موجَّه إلى أتباعه من شيعة «إنّ صاحبيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر وعمر بن الخطاب صاحباي، ومن يشتمهما ولا يحبهما لا يحبني»، وأردف مقتدى الصدر: هذا قول محمد صلى الله عليه وسلم وليس قول مقتدى الصدر فقط، فهل يجوز شتم الصحابة، كما نهج مقتدى الصدر نهجاً تقاربياً مع أهل السنّة، ويحرض دائماً على قيام صلاة موحّدة معهم وتبنّى رفع المظلومية عنهم، ولهذا فإنّ مقتدى الصدر الذي هو قائد حقيقي لفقراء الشيعة في العراق، والذي يقود الآن حرب مواجهة الفساد المستشري في العراق، مطالباً تقديم كل من تلوث يديه بأموال العراقيين للعدالة، وأن يبعد رئيس الحكومة كل الوزراء الذين يُتهمون بسرقة المال، وقد بادر قبل غيره بالطلب من الوزراء الذين ينتمون إلى كتلته النيابية «كتلة الأحرار» أن يستقيلوا من حكومة العبادي حتى يتسنى تشكيل حكومة من غير السياسيين من أشخاص لا تشوبهم ولا تلوثهم تهمة الفساد.