سام الغُباري
- لقد ترعرعنا في نظام ديمقراطي، والآن نحن نقود الحرب لاستعادة النظام والديمقراطية التي سُلبت في احتجاجات 11 و16 فبراير 2011م، و21 سبتمبر 2014م، وأما علي عبدالله صالح فيقود الحرب لاستعادة العائلة، من بوابة السلالة التي يعرف أنها مكروهة وقد تجاوزها الإنسان اليمني بعقود، لكن هل يسعفه القدر ليواصل مهمة الحرب العائلية؟
- يستند حلفاؤه الحوثيون مثل أي جماعة مفتقرة إلى المشروعية السياسية، إلى دوام فتوحاتها وبقائها لتشكيل مشروعية أخرى، مشروعية ثورة وحرب. ويستند هو على الحرب السياسية التي تجعله شريكاً في التهمة، وبريئاً حين استحضار دليل الإدانة.
- كانت خلية إيران الأمنية التي تفكر باسم "عبد الملك الحوثي"، تشعر بضرورة أن يظل الرجل محارباً، ليتمكن من الوصول إلى ما يجعله يقود نظاماً كهنوتياً مثل نظام الخميني من اعتباره قائماً وولياً يُعجّل بخروج المهدي المنتظر!، تتقاطع معهم في هذه الظنون رؤى الغرب التبشيرية، وفكرة إسرائيل التوسعية، وتنظيم الدولة الإسلامية الكبيرة التي ستحقق الخلافة على يد المهدي أو المخلص.
- هذه المعارك التي تطحن الأمم العربية مخاضات صغيرة ومبشرة لدى قادة الكهنوت الذين يتحكمون في تجاذب القوى بداخل مركز الشرق الأوسط، القدس ومكة محوران مهمان لغليان التطرف الديني في عالم يتظاهر بالعلمانية. القدرات السعودية الأمنية على "مكة" جغرافياً، لم تحولها إلى دولة لاهوتية مؤذية، بطموح أو نزعة إمبراطورية في تكوين خلافات إسلاموية سياسية، بالعكس من ذلك، كان حرص العائلة السعودية المتعاقبة مركزاً على استقرارها، وثبات منظومة الحكم بالرفاهية الواضحة لشعبها، وتعليمه بأعلى المستويات، ما أنتج مجتمعاً متعدد اللغات والاقتصاديات والثقافة في بيئة بدوية لم تعرف مثلها الصحراء في كل العصور والأمم السابقة.
- يقوم الحوثيون بتدمير المفهوم، المزاج، وبالتجربة يقومون بإقحام قواتهم في مناطق غير خاضعة لمذهبهم الصغير مثل تعز والبيضاء وعدن والحديدة، والتقدم للسيطرة على مفاصل المحافظات التي تناهضهم عقدياً، وإخضاعها سياسياً، لو أنها ضمنت خطاباً لا يؤدي إلى اختلاط قطع الثلج كلها بجليد واحد.
- لم يستغل الحوثي بعد فكرة تعبئة مجمل موارد الأمة، رغم ما نهبه من خزائن الناس والأفراد الشخصية والعامة، وقد صار اليوم قادراً على العيش رغم الحرب الشاملة على التجنيد الاختياري المهووس بالدفاع عما يدعيه قضية نبيلة، ثم الإجباري -لاحقاً-، معتمداً في تموينه على أصول وموجودات الخصوم والكتل السكانية المهزومة بما في ذلك زكوات المال الهائلة، وتموين (بنك) علي عبدالله صالح الثري، واستغلاله في استجلاب الآلاف من الشباب لقتال (عدو) لم يكن عدواً حقيقياً، بقدر ما ساهم خلال العقود الخمسة الماضية في استقرار اليمن وتموين اقتصاده، بإجماع خليجي موحد على تقاسم ركائز النهضة في اليمن الجمهوري.
- يجب أن نُسقط فكرة الحوثيين، قتال الأعداء، ومن يسمونهم بالخصوم التاريخيين لليمن، مثل هذه الجيوب الإرهابية المتخلفة لا تستطيع الحُكم والاستقرار بالمجتمعات، مجرد فكرة الهدوء النسبي لها يُشعرها بالفزع، لأنه سيقودها بلا شك إلى التفكك والتمزق والصراعات الداخلية داخلها كحركة مؤذية وحمقاء، لا يمكن للحوثيين الإرهابيين العيش والاستمرار إلا على فكرة الموت والشهادة والوعي الغائب في ثورة مستمرة تطحن عناصر الحياة البسيطة لليمنيين جميعاً.
- سنكتب خلال الأشهر القادمة عن الهزيمة الأولى للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، الهزيمة الحاسمة على أرض المعركة (الهزيمة في تعز كانت بالاستنزاف)، بعد انتفاضة شباب فبراير في 2011م، وافق "صالح" على التسوية بالخروج من الدائرة المدنية للحكم، وتسليمها إلى نائبه الذي لا يتحدث كثيراً، عبدربه منصور هادي، إلا أنه خاف من أن يؤدي خروجه ذلك إلى نسف قوته وزعامته السياسية، فاحتفظ برئاسة الحزب الكبير وبولاءات مهمة في مفاصل الجيش الوطني، وصارت مهمة الإطاحة به بسبب انقلابه على نتيجة مبادئ الحوار الوطني قضية عربية ودولية حاصرته من مجلس الأمن إلى أن وصلت بالصواريخ إلى داخل منزله، سيتعرض للهزيمة، ليس على يد نظام دولي وعربي انتفض ضده، بل على يده هو. ذلك ما تحكيه مقررات الواقع، ما لم تحدث معجزة.. معجزة من نوع آخر، وأكاد أجزم أن علي عبدالله صالح ينتظرها، كما انتظر "هتلر" وفاة "روزفلت"، إلا أن النظام العالمي الجديد كان مستعداً لتجاوز هتلر وطحنه، كما هو اليوم مستعداً أيضاً لإبقاء "علي عبدالله صالح" مُلاحقاً بالعقوبات مدى الحياة لو سلم من القصاص على أيدي اليمنيين الشرفاء.