خالد بن حمد المالك
أريد أن أختتم هذه الحلقات عن الموقف من اليمن بهذا المقال، ليس لأنه لا يوجد المزيد مما يستحق أن يقال عن سلوك الانقلابيين، وعن الموقف العربي المسؤول في الانحياز إلى الحق، وكذلك ما أظهرته (عاصفة الحزم) بعزمها وحزمها بعدم ترك اليمن وحيداً بلا مناصر، وتأكيدها على أن للشعب اليمني الشقيق من يدعمه ويسانده ويقف إلى جانبه في الدفاع عن حقوقه المشروعة من الأشقاء الذين يرتبطون معه في المصير الواحد.
* * *
ركزت في الحلقات السابقة على الانتهاكات الحوثية للحدود السعودية، وتكرار اعتداءاتها على الأراضي السعودية، وإعاقتهم لكل المساعدات الإنسانية التي تحاول دول التحالف بقيادة المملكة إيصالها إلى المتضررين، حيث معاناتهم من الحصار الذي تفرضه عصابات الحوثي والمخلوع صالح، وقد لا آتي بجديد حين أكتب عن انتهاكات الحوثي وأتباع صالح للحدود السعودية، واعتداءاتهم المتكررة، وإعاقتهم للمساعدات الإنسانية، غير أن أكاذيب الانقلابيين ومحاولاتهم إخفاء هذه التجاوزات في الحرب اليمنية، استدعت مني ومن غيري أن نضع الحقائق بين أنظار من يريدون أن يصلوا إلى المعلومة الصحيحة، وليست لتلك التي يكون مصدرها إعلاماً رخيصاً وإعلاميين عملاء ينقلون بحسب ما يُملى عليهم من جهات مشبوهة، ومصادر لا يوثق بها.
* * *
إذ إن التقارير المحايدة المدعومة بالحقائق والأرقام تشير إلى شيء كثير من الانتهاكات التي قامت بها مليشيات الحوثي والمخلوع صالح منذ بدء الحرب وحتى الآن، وتتحدث عن إمعان هذه المليشيات في استمراء هذا السلوك المشين بحق الأبرياء من المواطنين، حتى وهم يمرون الآن بحالة من الإحباط، واليأس، والشعور بالهزيمة، وعدم قدرتهم على مواجهة قوة الجيش الوطني المدعوم بسلاح طيران دول التحالف، ولعله من المناسب الإشارة ولو سريعاً - وعلى عجل - إلى بعض الأرقام الموثقة التي تدعم وتفضح سلوك الانقلابيين، ومسؤوليتهم الجنائية والحقوقية عن كل من أصابه الضرر في هذه الحرب التي خططوا لها، وأوقدوا نارها، وأصروا على استمرارها، ورفضوا كل محاولات لإطفائها، ولم يقبلوا بأي قرار أممي أو عربي أو خليجي يصب بالاتجاه الذي يوقف هذه الفتنة، ويعيد لليمن نظامه الشرعي ومؤسسات الدولة المختطفة.
* * *
فمن بين ما رُصِد خلال عام كامل منذ بدء الحرب، اتهام منظمة أطباء بلا حدود المتمردين الحوثيين باحتجاز شحنة مساعدات طبية على أبواب صنعاء، كانت مرسلة إلى مستشفيين في منطقة محاصرة في تعز، ومعلوم أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ودول الخليج العربية يقوم بدور كبير في تخفيف معاناة اليمنيين بإرسال الأغذية والأدوية وكل ما يحتاج إليه المواطن اليمني، وذلك بشكل دوري، فيما يتعمد الحوثيون تجويع الشعب اليمني، ومنع الغذاء والدواء من الوصول إليه، ومع كل هذه المواقف التي تمثل جريمة يرتكبها الحوثيون وأتباع علي صالح، فإن قوات التحالف العربي بقيادة المملكة، وبالتنسيق مع الجيش الوطني اليمني تمكنت من تأمين ممرات لإيصال عمليات الإغاثة رغم ضراوة القتال، وكان آخرها ما تم إيصاله إلى (صعدة) وهي معقل الحوثيين.
* * *
ومع استمرار خروقات مليشيات الحوثي وصالح لحدود المملكة، واستمرارهم في الاعتداءات على المدن السعودية، فقد تقدمت المملكة إلى مجلس الأمن بأكثر من رسالة توضح فيها ما يحدث من خروقات، وما يتم من تصدٍّ لها من قبل القوات السعودية المرابطة على الحدود، وهذه الخروقات تتوزع عادة بين عمليات قصف، وإطلاق نار، ومحاولات تسلل، وزحف عسكري، سواء من داخل اليمن أو على الحدود اليمنية مع المملكة، بما في ذلك تلك الفترات التي يكون فيها اتفاق على هدنة إنسانية، يتوافق مع أهداف إعادة الأمل لليمن الشقيق، وكل هذا موثق من حيث الوقت والتاريخ والمكان، بما لا يمكن للحوثي وصالح إنكاره، أو التنصل منه.
* * *
وكل التقارير الإحصائية تتحدث أيضاً عن انتهاكات مروعة بحق اليمنيين، وبينها الجرائم التي ترتكبها مليشيات الحوثي وصالح من قتل واختطاف وإصابة واغتيال ونهب ومداهمة منازل ومؤسسات حكومية وخيرية وفرض الإتاوات على المواطنين، واستخدام المواطنين المختطفين والمعتقلين دروعاً بشرية، فضلاً عن استخدامهم ألغاماً محظورة مضادة للأفراد وتسببت في كثير من الخسائر بين المدنيين، كما أشارت إلى ذلك منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقرير لها، معتمدة في معلوماتها على خبراء في نزع الألغام وأطباء وتقارير إعلامية.
* * *
ولا يمكن أن ننسى - إن نسينا - فرضهم الإقامة الجبرية على الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور ورئيس الوزراء خالد بحاح ووزراء في الحكومة بينهم وزير الدفاع الذي يقبع الآن في غياهب السجون، وليس هناك من معلومات عنه. كما لم يسلم الإعلام اليمني من انتهاكات الحوثي وصالح، فقد رصدت مؤسسة حرية للحقوق والحريات عشرات من هذه الانتهاكات، شملت مؤسسات خاصة وحكومية وصحفيين من الجنسين، بل إن وتيرة الانتهاكات والتنكيل بالصحفيين والمراسلين تصاعدت من شهر لآخر بشكل لافت، ضمن جرائم أخرى لعل من بينها وليس كلها ما أبرزته صحيفة (الإندبندنت) البريطانية عن جرائم الحوثيين ضد الأطفال، حيث إن نحو 30 % من المقاتلين في صفوف ميليشيا الحوثي هم من الأطفال، منتهكة بذلك القانون الإنساني الدولي، كما أنها تقوم بتخزين الأسلحة في المرافق الصحية والجامعات والمدارس والملاعب الرياضية والمناطق المكتظة بالسكان، بما يمكن اعتباره ضمن جرائم الحرب.