خالد بن حمد المالك
ما إن قامت الحرب في اليمن، حتى أصبح الانقلاب على الشرعية - وفي غمضة عين - في حكم المنتهي، فقد تم استهداف الطيران والمطارات ومخازن الأسلحة ومواقع قوات الدفاع الجوي وغيرها من المواقع العسكرية للحوثي وصالح، وحوصرت كل منافذ تسريب الأسلحة والذخائر من المطارات والموانئ والمداخل البرية، بينما كان المخلوع صالح والحوثي عبدالملك غارقين في تناول وجبتهما اليومية من «القات»، استعداداً لنوم هانئ لم يعرفا بأنه سيكون بدءاً من الآن نوم أضغاث أحلام يتكرر وكوابيس مزعجة لا تدعهما يستمتعان بنومهما كما كانا كذلك من قبل.
* * *
فقد كانت عاصفة الحزم مفاجأة مدوية، حسمت الأمور لصالح الشرفاء باليمن في برهة زمنية قصيرة، وما تبقّى من عمل لقوات التحالف لإنجاز المهمة كان مسألة وقت ليس إلا، مراعاة للحفاظ على حياة المدنيين، والإبقاء على المباني والمشروعات ومظاهر التنمية التي أقيمت وبُنيت بأموال المملكة ودول مجلس التعاون، ولولا ذلك لكانت المعركة مع صالح وعبدالملك قد انتهت خلال أيام من بدئها، لكن لهذه الأسباب رؤي أنّ إطالة الحرب أفضل من تدمير اليمن وقتل الأبرياء من المواطنين، وإنْ كان الحوثي والمخلوع قد فعلا ما حدث من قتل وتخريب ولم يرحما الوطن والمواطن.
* * *
ومع كل الانتصارات التي حققها التحالف بقيادة المملكة، وظهور كل المؤشرات على أنّ صالح وعبدالملك وأتباعهما، ليست لديهم القدرة على المقاومة والتصدي لطيران التحالف والجيش اليمني الوطني، فقد أظهر جانب التحالف استعداده لإيقاف عاصفة الحزم، والبدء بإعادة الأمل لليمن الشقيق، وبالبدء بإصلاح ما أفسدته الحرب، ضمن عودة القيادة الشرعية، والتزام الانقلابيين بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، إلا أنهم كابروا وأمعنوا في عنادهم بالاستمرار في موقفهم بالاستيلاء على المؤسسات الحكومية، ورفض عودة الرئيس الشرعي لحكم البلاد، وعدم القبول بالعرض الإنساني السخي من التحالف.
* * *
وعلى مدى أكثر من عام لم يتوقف الانقلابيون الحوثيون وأتباع صالح من انتهاكاتهم لحدود المملكة بإطلاق ما بقي لديهم من صواريخ تصدّت لها القوات السعودية الباسلة، بل إنهم استمروا في الاعتداء على الحدود السعودية بصورة متكررة فاستشهد من استشهد وأُصيب من أُصيب من المواطنين والمقيمين، وحتى المساعدات الإنسانية التي تقدمها المملكة للشعب اليمني، بما في ذلك ما قدمته لصعده وهي معقل الحوثيين، أعاقوا وصولها أو حاولوا إعاقتها، ما يعني أننا أمام فئات مجرمة من اليمنيين لا تسعى إلا لتلبية ما تمليها عليها إيران، ولا يهمها في قليل أو كثير مصلحة اليمن واليمنيين.
* * *
ولنا أن نتساءل: ماذا أفادت هذه المواقف المشبوهة من صالح وعبدالملك غير وضع اليمن في حافة الفقر، وهزيمة مذلّة لهما، ومستقبل مظلم لحياتهما، فيما ستظل المملكة وشقيقاتها في دول مجلس التعاون أحرص منهما على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وأنه لا خيار لدول مجلس التعاون إلا حماية اليمن من الإيرانيين وعملائهم الطامعين باحتلاله وفرض الأمر الواقع على مواطنيه، وسيظل خيار إعادة الأمل مشروعاً قائماً ومفتوحاً لخدمة اليمنيين من المملكة ودول مجلس التعاون.
* * *
لقد تم تحرير الجنوب اليمني بما في ذلك عاصمته عدن، ومحافظات ومدن أخرى في الشمال، كان آخرها تعز، وفي الطريق قريباً تحرير العاصمة صنعاء، وأيّ رهان على منع تحقيق تحرير كامل اليمن هو ضرب من الخيال، فالمعركة محسومة، والانتصار النهائي آت، وإيران إذ ورطت صالح وعبدالملك بمعركة ليسا في مستواها، فإنه ليس بمقدورها أن تنقذهما الآن، بعد أن أصبحت وعودها بلا قيمة ومن غير جدوى، وهو ما تأكد للقاصي والداني، فضلاً عن اليمنيين.
وغداً نواصل...