خالد بن حمد المالك
أحاول أن أقترب من طبيعة العلاقة بين المملكة واليمن على مدى ثلاثين عاماً وهي التي تمثل فترة حكم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، أفتش عن مواقف يمنية جميلة وإيجابية تؤكد امتنان النظام اليمني البائد بما كانت تقدمه المملكة لليمن من دعم مالي واقتصادي وإنساني وفي كل المجالات، فلا أجد إلا الجحود والنكران، والهروب اليمني من الحديث عن مواقف المملكة الإيجابية من اليمن.
***
أفهم أن تكون لكل دولة وجهة نظرها في قضية أو موضوع معين، وأنه من حق قيادتها أن تتمتع بحريتها في اتخاذ القرارات التي تتماشى ومصلحة الشعب والوطن، ولكني لا أفهم أبداً أن يتآمر الجار على جاره كما كان يفعل اليمن مع المملكة أثناء حكم علي صالح، وأن يتنكر لكل موقف شهم ونبيل وقفته المملكة مع جارتها على حدودنا الجنوبية، ولا يمكن أن يدور بخلدي أنه يمكن أن يعض اليمن اليد التي آوته وأطعمته ووقفت إلى جانبه، بفعل رجل نزق استغل الدعم الذي قدمته المملكة للشعب اليمني الحبيب ليشتري به السلاح، ويمتلك به ترسانة من أنواع الأسلحة لإيذاء المملكة وشعبها، بدلاً من استثماره بما يخدم المواطنين اليمنيين.
***
سنوات مضت، ومناسبات مرت، وظل علي صالح -وهو ليس علياً ولا صالحاً- يمارس سلوكه وتصرفاته ومؤامراته، ويرتمي في أحضان كل من يتآمر على المملكة ودول الخليج، كما في موقفه المشين مع صدام حسين مؤيداً ومباركاً غزوه للكويت، إلى موقفه الصادم المؤيد لإيران في تدخلها بالشأن الداخلي للمملكة، فتعاونه مع الحوثي ومع إيران معاً ليس في الانقلاب على الشرعية في اليمن فحسب، وإنما في تحضيراته المشبوهة للاعتداء على المملكة، إرضاء لأسياده في طهران وقم.
***
ومع كل هذا، فقد كانت المملكة تراقب هذه المواقف بحس عروبي، وتتابعها بحلمها وحكمتها وبعد نظرها، ولم تتسرع في اتخاذ أي قرار لا يخدم مصلحة المملكة ودول المنطقة بما فيها اليمن، بل ظلت تداري الأمور، وتقدم النصيحة، وتذكّر بحق الجار، وغضبة الحليم، وأن للحرب رجالها الشجعان في المملكة إذا ما اضطررنا إلى ذلك، غير أن حسابات الرئيس المخلوع وعبدالملك الحوثي لم تأخذ هذه الأمور على محمل الجد، واعتقدا أن تلويحهما باختراق حدود المملكة، والتهديد بوضع القناصة اليمنيين على الجبال ليكون المواطنون السعوديون على مرمى حجر من تواجد هؤلاء سوف يخيف المملكة.
***
ولما انتهت فترة الاختبارات، والانتظار الطويل، وتأكدت المملكة من نوايا الحوثيين وأتباع المخلوع علي صالح، وأن مخططاتهم مستمرة ويتصاعد شرها، مدفوعين بدعم إيران لهم بالسلاح والمال والمدربين والإعلام، كان قرارها المدوي والقوي الذي حجّم وحيّد هذه القوة التي بناها المخلوع صالح، بل إنها تهاوت وانتهت في ساعات، فلم يبق بين أيديهم إلا مناوشات بأسلحة متوسطة، وأرض يحتمون بالمدنيين للثبات فيها، بينما كل واحد منهم غارق حتى أذنيه بما لا حيلة له في مقاومة قوة التحالف الضاربة التي تنتقي مخازن الأسلحة وتواجد المليشيات والأتباع كأهداف لها، حيث لم يعد أمامهم إلا الاستسلام والخروج من النفق المظلم الذي يؤويه صالح مع شريكه الحوثي..
وغداً نواصل...