د.ثريا العريض
اشتقنا للتفاؤل بعد أن أمست نشرات الأخبار الإقليمية والعالمية مساحات من أخبار التفجيرات والدمار وهدم الديار.
الحمد لله حديث الناس اليوم كلهم مثلي يفيض بالتفاؤل, مركزا على انفراجات مضيئة حملتها آخر المستجدات:
أولها مناورات واستعراض القوات العسكرية البرية والجوية لدول التحالف في رعد الشمال, بحضور قادة 20 دولة عربية وإسلامية. حدث مهيب هو الأول حجماً وأهمية في المنطقة. أرسل رسالة واثقة واضحة لأي جهة قد يخطر ببالها العبث باستقرار دول المنطقة وأمن الخليج. حمى الله المشاركين والحضور المضيفين والضيوف وحماة الوطن على كل الجبهات والحدود الممتدة.
و حديث مصادر الأخبار يتناول انفراجا في فعاليات جبهة الجنوب يوحي بقرب إيقاف العمليات العسكرية، وأن انشقاقا يتم الآن داخل اليمن وباقتناع جانب من الحوثيين؛ حيث أبدى وفد من شيوخهم عبَر الحدود إلى الجانب السعودي رغبتهم في التفاوض لإنهاء عاصفة الحزم والبدء في التعاون لإعادة البناء.
عاصفة الحزم تؤتي أكلها.. واليمن تنتظر فك إسارها من صراعاتها الداخلية.. وفق الله حكومتها الشرعية لتثبيت الاستقرار والأمان, وتطهير أجوائها وأرضها من الصراعات الداخلية، وتسلل النفوذ الإيراني، والتخلص من أجواء الاختناق بأنانية علي عبد الله صالح وإصراره على البقاء رغم افتضاحه عالميا ومحليا.
وأتذكر سؤالي قبل قرابة عام حين شرف سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل -رحمه الله وطيب ثراه- مجلس الشورى بزيارته عن مستقبل اليمن في معادلة مجلس التعاون وخططه المستقبلية: هل هناك توجه لضم اليمن كدولة عضو في المجلس وربما تحوله إلى مجلس دول الجزيرة العربية أو اتحاد دول الجزيرة؟ فكان رده أن الخطوة الأهم هي إعادة بناء اليمن الذي أثخنته الصراعات والحروب, وتأهيله ومؤسساته وبنيه للعمل كفريق واحد لاستعادة الاستقرار وبناء الاقتصاد ليكون مستعدا للمشاركة الفعالة في عضوية أي مجلس أو اتحاد مجموعة خليجية أو عربية أو إقليمية.
فعلا اليمن مثخن بجراح متراكمة وأي إشارة لقرب انتهاء معاناته وإطلاق سراحه من إسار الدموية والبدء بإعادة بنائه ولم شمله بأشقائه، يفرح محبيه خليجياً وعربياً.
وحديث الناس يتناول ما تداولته وكالات الأنباء العالمية من تسريب قائمة بأسماء وتفاصيل هوية وجنسية وتخصصات آلاف من مجندي داعش من 50 دولة, وإيصال الوثيقة التي تفصلها.. وقد نجح أحد المنشقين عن التنظيم بعد اكتشاف كذبهم ودموية خططهم وممارساتهم, في الهروب إلى تركيا بشريحة تحتوي الوثيقة، وسلمها إلى قناة إعلامية دولية لتوصلها للمعنيين بمحاربة التنظيم الإرهابي.
نتأمل خيرا من هذا المستجد حيث سيسهل لكل دولة الوصول إلى الشبكات التي جندت وتجند منسوبيها, وتوقف أعمالها وسمومها.
آن أن يرتاح العالم كله من هذا التنظيم الشقي الذي انتشر كوباء مجتذباً كل محبط لأي سبب, وكل مريض تستهويه ممارسة الدموية والتلذذ بها, وكل مضلل أوهمه محرضون أن إصلاح وطنه والعالم يتم عن طريق الانضواء تحت الراية السوداء.
لا بارك الله في الأشرار المستترين، الداعمين والممولين والمدربين والمحرضين والمجندين. ندعو أن ينكشف غطاؤهم وتوقف السلطات الرسمية استمرار شرهم وتحاسبهم وتعاقبهم على ما سببوه للعالم كله من قتل وتعذيب وأوجاع وأحزان.
لا نريد تهاونا معهم ولا ترفقا بهم.. بل أن ينالهم من المحاسبة والمعاقبة ما تمنوه للغير وحققوه بلا حس إنسانية.