د.ثريا العريض
وعدتني صحيفة عكاظ بنشر تنويه واعتذار عما حدث من تحريف أحرجني مع زملاء الشورى وضلل قراء ما نشرته عني يوم الخميس. وأشارككم التفاصيل:
تجربتي منذ سنين أنتجت حدسا صائبا؛ أنه من الأفضل إذا كنت مسؤولا أن تنشر رأيك مكتوبا ومسموعا ومرئيا في إطاره الكامل، ليطلع عليه الجميع مباشرة كما عرضته. من هنا فحوارنا اليوم يضع النقاط و يعيد السطور كاملة.
أتكلم من وجهة نظر مواطنة مسؤولة عاشت حدثا من الداخل وتداعيات نقله للمتلقي مجتزءا للإيحاء بما ليس فيه. والله يحمي الوطن من أعدائه المتقصدين في الداخل، و من يلتقط ما ينشرونه ليعيد طعننا به في الخارج.
تناولت حوارات ساحات التواصل خبر إيقاف برنامج حواري يومي يتابعه كثيرون، معروف بالشفافية ومتابعة المستجدات والتواصل مع المسؤولين. وفي غياب توضيح رسمي ثارت تكهنات كثيرة حول السبب، وركز ذوو الخبرة على آخر حلقة عرضت قبل الإيقاف لاستكناه السبب. ووصلني في ما بعد تسجيل لهذه الحلقة التي انتشرت كالنار في هشيم، وهذا ما وجدت: ضمن فقرات الحلقة تواصل البرنامج مع زميل لي في الشورى حول تفاعل الساحة الإعلامية سلبيا جدا مع كلمة قدمها الزميل في فقرة «الشأن العام»، وهي فقرة مقفلة عن التغطية الإعلامية والتسجيل الرسمي تحتفظ به سجلات المجلس ولا ينشر. تكلم فيها الزميل فعبر عن رأيه الشخصي الخاص حول موضوع بعينه.. وهذا متاح لأي من الأعضاء في هذه الفقرة وموجه فقط لأسماع الحضور من الزملاء.
كيف وصل تسريب صوتي لما طرحه الزميل في الشأن العام إلى الصحافة؟ سؤال مصيري حول الالتزام بفرضيات الممارسات المهنية.
قبل أن أعرف عن إيقاف البرنامج الحواري, تواصل معي محرر في صحيفة محلية رائجة يسألني عن رأيي في ما حدث. فطلبت منه تسجيل إجابتي والالتزام بما يأتي فيها بصيغة تعبيري، ووافق على ذلك، وكانت إجابتي أن كل ما يطرح في الشأن العام ليس موجها للإعلام الداخلي أو الخارجي. هو موجه فقط لآذان الأعضاء ونقله خطأ مهنيا. أما بالنسبة للخلاف في ساحة الرأي العام فمهم أن لا يكون بصيغة تراشق اتهامات توحي بوجود خلافات جذرية في المجتمع. أي مجتمع طبيعي به وجهات نظر، و لكن ما ينشر في الإعلام الداخلي مؤطر بأنه خلافات جذرية، حين يصل الى جهات مترصدة و عدائية ضد مجتمعنا ساعية لتشويه سمعته يمنحها فرصة للمزيد من التشويه، و ضربت مثلا بما تفعله ميمري التي تتابع أخبار العرب و إعلامهم بانتقائية عدائية وتنقله للكونجرس الأمريكي للتأثير في قراراته المتعلقة بالعرب.
وإننا كمواطنين ومسؤولين ومختصين وإعلاميين يجب أن نقف معاً لحماية استقرار الوطن لا إثارة التصدعات، خاصة وأن الوطن يمر بمرحلة استنفار قصوى هو فيها مطالب بالتصدي وعلى عدة جبهات عسكريا و اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا للدفاع عن الاستقرار.
اتفقت مع المحرر أن يطلعني على الصيغة النهائية لأوافق على النشر. نشر الكلام مبتوراً و مختزلا ومصاغا كأنه موجه مني لزميلي شخصيا، وليس للصحيفة التي اتصلت لتطلب رأيي حول حدث سلبي؛ لا ردي على الزميل.
المهنية الإعلامية تفرض ألا يحور أو يختزل ما يقوله أي شخص، ناهيك بمسؤول في موقع عال كمجلس الشورى، ليخدم أغراض أي جهة بعينها. واقتطاع فقرات من خطاب موجه لجمع متخصص بعينه في اجتماع مغلق أصبح مع الأسف ممارسة لئيمة من بعض الحضور يجب أن تخضع للمساءلة الجادة، حماية للمتحدث وللحقيقة التي ستصل إلى الجمهور العام مشوهة وموجهة، حين لا تصله إلا مبتورة مجتزأة ومسيجة لتخدم أهدافاً أخرى شخصية وفئوية قصيرة النظر وأنانية المنطلق.
ولذا طالبت الصحيفة بالاعتذار الواضح والصريح عما حدث من عدم التزام بنشر ما سجله المحرر من كلامي، وليس ما أعيدت صياغته بفعل فاعل ما لهدف لن أتكهن به. ويبقى الولاء للوطن أولا، وللحقيقة والمتلقي المتعطش لها ثانيا. لن يفرح إلا أعداء الوطن حين يأتي انعدام ذمة بعضنا.. بالعيد.