العقيد م. محمد بن فراج الشهري
في بادرة رائدة ورائعة قامت المملكة العربية السعودية بالتهيئة الكاملة لمناورة رعد الشمال التي تعد التجمع العسكري الثاني على مستوى العالم بعد عاصفة الصحراء، وخبراء العسكرية يدركون ماهية مثل هذه المناورة وصعوبة إدارتها، إلا أن المملكة العربية السعودية نجحت نجاحاً غير مسبوق في الفكرة أولا، ثم الدعوة ثانيا، ثم تبنى إقامة المناورة على أرضها في تجمع حشد عسكري مكون من عشرين دولة، أتت بقواتها وتجمعت على أرض المملكة العربية السعودية..
وإن دخلت في التفاصيل العسكرية لهذه المناورة فسنحتاج إلى مؤلف كامل، إلا أنني أولا أعتبر أن هذا الحشد غير مسبوق في حضوره وتسليحه وتوقيته وهو رسالة واضحة للشرق والغرب بأن العروبة والإسلام خندق واحد ودين واحد.. ضد التدخلات في شئون هذه الدول والإرهاب بأشكاله كافة..
لأن الإسلام ابتلي بأشرار حاولوا تشويه صورته النقية وعاثوا في الأرض فسادا، كما أن الدول الكبرى أخذتها العزة بالإثم فمرة تجمع ومرات تفرق ولم تزد القضايا الدولية إلا عكننة وعنجهية، وأكبر دليل على ذلك الأزمة السورية وما يعانيه الشعب السوري منذ سنوات دون اتخاذ حلول ناجعة حتى أصبح لا قيمة لمجلس الأمن ولا قراراته الاستعراضية التي أصبحت هامشية.
«رعد الشمال» أتت ناقوساً يدق في عالم النسيان ويذكر بأن الإسلام والعروبة لن تتهاون في مصير شعوب هذه البلاد، فكان (رعد الشمال) بداية لعصر قوة عربية إسلامية، تبعث برسائل متعددة لأنحاء متعددة، وقد وصلت تلك الرسائل وفهمها من يريد أن يفهم ومن لا يريد.. والحقيقة أن المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز قامت بجهود غير اعتيادية بداية من توليه زمام الحكم وحتى اليوم على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي بداية من الإصلاحات وانطلاق إلى عاصفة الحزم.. وإنقاذ الشعب اليمني الشقيق من سيطرة إيران والحوثيين استجابة لنداء الأشقاء في اليمن.. فقامت المملكة بدور رائد في نصرة الأشقاء ومساعدتهم بكل الإمكانات البشرية والعسكرية والمالية وها نحن اليوم نشهد أكبر تجمع إسلامي ممثلا في جيوش (20) دولة لإجراء مناورات في غاية الأهمية وغاية الصعوبة، إذ لابد لهذه القوات من تهيئة المكان والتجهيزات اللازمة لانتشار هذه القوات وتحركها في آن واحد، إن مثل هذا الحشد يحتاج إلى خبرات عسكرية على أعلى مستوى في القيادة والسيطرة.. وتوحيد الأجهزة، وكذلك التنسيق التكاملي للتعامل مع العقائد التعبوية لكل جيش، وتوحيد العمل في منظومة واحدة وقيادة عليا مشتركة، ونحن كعسكريين ندرك صعوبة مثل هذا الأمر؛ إذ يحتاج إلى تدريب عالٍ وقيادات متمرسة على فنون الحرب والتعبئة القتالية..
أضف إلى الأعمال التعبوية التي تقوم بها هذه القوات، أن هنالك قوات خاصة تعمل معها وهي مخصصة لمحاربة الإرهاب وهي كتائب أو وحدات قتالية مدربة تدريباً شاقاً تنطلق من الطائرات أو من السفن أو البوارج لإنقاذ حياة مختطفين أو رهائن أو فك الحصار أو تدخل سريع مدعومة من القوات الجوية حسب المهمة، ويظل عملها مع قوات رعد الشمال.. عملا عسكريا تكامليا شاملا خاصة في ظل وجود تجهيزات ومعدات حربية جديدة تتطلب الإتقان والبراعة في الاستخدام، أنا أعتقد أن رعد الشمال خطوة جبارة غير مسبوقة في تكوينها وترتيبها وتوجهاتها، وأعتبر أن مجرد وصول القوات وتجمعها على صعيد واحد نجاح للمملكة العربية السعودية يبرهن على قوة المملكة وسمعتها الدولية وحضورها الدبلوماسي والسياسي والعسكري عربيا وإقليميا ودوليا فمبروك لها بهذه القيادة الرشيدة والمكانة العالمية والحضور المشرف في كل المحافل الدولية.. ونسأل الله أن يتمم هذه الأعمال بالخير والفلاح والسؤدد وأن يحفظ لنا بلدنا وقيادتنا من كل سوء وكلنا رعد الشمال.