غسان محمد علوان
بعد نهاية المباراة الختامية لكأس ولي العهد التي ظفر بها الهلال، ووسط تلك الأفراح الزرقاء تم تمرير بعض الرسائل من اللاعبين أنفسهم للجمهور الرياضي بشكل عام ولمن يهمه الأمر بشكل خاص. تلك الرسائل المغلفة بالفرح كان مردها تقديم الهلال لمستوى رائع افتقده كثيراً هذا الموسم. التركيز كان على طريقة اللعب، وإن كانت ليست السبب الأوحد لتقديم هذا المستوى الرائع ولكنها كانت هاجساً للاعبين أنفسهم. المسببات بجانب طريقة اللعب كانت الروح الحاضرة، والرغبة الجامحة بتحقيق اللقب، والاستشعار لأهمية المناسبة، وآخرها كان نواف العابد الذي كان وما زال قنبلة فرح تأبى بنفسها أن تنفجر لتملأ سماءات محبيه بالحبور. تلك الرسائل التي مررها سلمان الفرج صراحةً ثم ناصر بوضوح فالشلهوب تلميحاً ثم أتى بعدهم جحفلي ليؤكدها كانت كلها ترتكز على مدى ارتياحهم لطريقة اللعب التي لا تقنع مدرب الفريق اليوناني دونيس. تلك القناعات التي تحدث الكثير عنها كانت قابلة للتعديل بشكل توافقي، وبأسلوب تدريجي بعيداً عن التعنت بالرأي أو الانتصار له. فالمصلحة الأولى والأخيرة لدى الهلاليين بشتى أطيافهم أن يروا فريقاً قادراً على بث روح التفاؤل في قلوب محبيه. فريقاً يستطيعون المراهنة عليه في لقاءات الحسم، والاسترخاء ثقة بتخطيه اللقاءات السهلة. إلى الآن لم تتم تلك المعادلة، ولست أرى أنها قابلة للتحقق حالياً في ظل المعطيات الآنية.
هناك شيء فُقد في الهلال من فترة ليست بالقصيرة. فهبوط المستوى لم يأتِ فجأة وبدون مقدمات. تلك الصعوبات التي واجهها الهلال مع متذيلي الترتيب أو حتى فريقي الدرجة الأولى (النهضة والنجوم) كانت مؤشراً لا يمكن تجاهله لمسيرة الفريق المستقبلية، لكن الانتصارات الهزيلة أعمت العيون عن واقع الأمر.
ففجأةً اكتشف البعض أن سلمان الفرج لا يمكن أن يكون خياراً أساسياً في المحور الدفاعي.
وفجأةً اكتشف البعض أن سالم الدوسري يملك القدرة الفائقة على هدر مجهودات الفريق باستعراض مبتذل أو لا مبالاة فاضحة.
فجأة اكتشف البعض أن طريق الوصول لمرمى الهلال صار سهلاً جداً للجميع بلا استثناء.
كل تلك المفاجآت وضعت الهلال حالياً في وضع لا يحسد عليه يجب تداركه فوراً قبل أن تصبح تلك الأرقام و الإحصاءات مثاراً للضحك بدلاً من أن تكون مبعثاً للفخر. مواجهتي الهلال ضد الفتح والتعاون أكدت أن الفريق متضعضع الأركان، ثم أتت مواجهتي بختاكور والاتحاد كمصادقة واضحة على تلك النظرية.
أكثر ما أضر الفريق الأزرق هي عين الرضا التي كانت كليلة عن كل العيوب. فاستحضرت مبدأ (التدوير) كتغطية للاختراعات في المراكز. واستحضرت مبدأ (الأهم هو الفوز) كتغطية لسوء المستوى. واستحضرت مبدأ (للسن أحكام) كتغطية لقناعات خاطئة لإبعاد بعض اللاعبين عن مراكزهم الأساسية. واستحضرت مبدأ (أعطي الخبز لخبازه) كتغطية للصمت عن أحد أدوار الإدارة الأساسية في النقاش الفني والعناصري. وها هي ذات العين بدأت باستحضار مبدأ (تحديد الأولويات) لتغطي فشلاً متوقعاً في البطولة الآسيوية، وكأن النجاح والإخفاق يخضع للاختيار فقط بعيداً عن الجدارة.
ما زلت مؤمناً وبكل جوارحي أن ذات الفريق بذات العناصر وبذات المدرب، قادرٌ على حصد كل شيء بشرط استنساخ الشوط الأول من نهائي كأس ولي العهد بمنطقيته الفنية وحماسته العناصرية ومؤازرته الجماهيرية. ما عدا ذلك، لن يبقى للهلاليين سوى التغني بإحصاءات التمرير والاستحواذ وهم يرون غيرهم يتوجون بالألقاب.
هي لحظة الحقيقة لهذا الموسم، فإما نية صادقة لتغيير وضع معوج أو عملية استئصال عاجلة ترغم الفريق على الخروج من غيبوبته الحالية.
الخيار بأيدي الزرق وحدهم، فهل هم فاعلون؟
خاتمة...
فما ينفع الأُسدَ الحياءُ من الطّوى
ولا تُتّقى حتى تكونَ ضوارياً
(المتنبي)