غسان محمد علوان
تأهل المنتخب السعودي لكرة اليد إلى مونديال فرنسا 2017، مكرراً هذا الإنجاز للمرة الثامنة في تاريخه وللمرة الثالثة على التوالي بعد مونديالي إسبانيا 2013 وقطر 2015. اللافت للنظر أن التأهل الثامن هذا، كان من أصل 24 مونديالاً. أي أن العلم السعودي كان حاضراً في ثلث المونديالات على مدى البطولة. واللافت للنظر أيضاً أننا لا نعلم عن هذا التفوّق الجميل الذي تقدّمه كرة اليد خدمة لاسم المملكة وتثبيتاً لحضورها في المحافل الدولية.
بلا شك نحن شعب كرة قدم في المقام الأول، نعشقها ونتابع تفاصيلها بكل دقة، ولست هنا لأدعو أحداً لاعتناق كرة اليد أو أي لعبة أخرى كمذهب تشجيعي بدلاً عن كرة القدم. فالعشق أذواق، وليس بالرقم والمنجز فقط.
لكن سبب المقاربة وتسليط الضوء في هذا المقال، هو اقتران كمية العشق بالاهتمام بكافة أنواعه، وعن التأثير الملموس على مسيرة هذه اللعبة أو تلك نتيجة لتلك الاهتمامات. فالجماهير تحضر وتشجع وتساند، وتعي أدق تفاصيل كرة القدم. والإعلام يسيل الأحبار صحفاً، ويملأ الفضاء برامجاً، ويشعل وسائل الاتصال تغريداً ونشراً. والممارسون للعبة كُثُر، محترفون كانوا أو هواة. والرعاة والمعلنون يدعمون اللعبة بأموالهم، عشقاً في اللعبة أحياناً، وسعياً لانتشار علامتهم التجارية وبحثاً عن مردود مالي دوماً.
ونتيجة لكل تلك الاهتمامات المتعدّدة والمترابطة والتي من المفترض أن تصب في صالح نتائج أفضل، نراها على أرض الواقع متناهية الصغر. لا يجب علينا أن نتباكى على زمنٍ كنا فيه أسياداً لآسيا. فهي حقبة مضت، قام خلالها رجالٌ بتأدية عملهم على أكمل وجه، فحصدوا ما زرعوا. لا يجب علينا نصب المآتم كلما تذكَّرنا المنجزات الجميلة، بل يجب علينا نصب المحاكم وطرح الأسئلة على من يمنعنا من تسنّم ذروة المنجز مجدداً. ما الذي فعلناه تجاه كل تلك الفضائح التي صاحبت الخروج المذل لمنتخبنا الاولمبي؟ ما هي تبعات حديث النجم الدولي عبدالمجيد الصليهم الذي تجرأ وكشف قليلاً من المستور؟
كل ما يفعله إعلامنا المبجل هو الاستهزاء والكوميديا بتغيير كلمات أغاني الفرح بعبارات سخرية فجّة، تحت غطاء النقد. من يستفيد من الانتقاص من المنتخب؟ من يستفيد من الضحكات المصاحبة لدبلجة الأغاني أو مقارنات بين أجيال لا يقوم بها سوى العاجز عن تقديم الحلول والبحث عن ما يصلح الحال؟
قمة الخجل أن تتراقص على فشل منتخبك أو وطنك في أي ميدان. قمة الضعف أن تفرد ساعات من الانتقاد والسخرية وتعجز عن إطلاق فكرة، أي فكرة من شأنها أن تعدل حالاً معوّجاً. قمة الإحباط، أن تغرس في نفوس لاعبي منتخب وطنك أنهم مهما أعطوا أو اجتهدوا مقصرون. وتجعل دافعهم للانتصار هو الهروب من الشماتة والانتقاص والتمثيل بهم في كل قناة وصحيفة وبرنامج.
إن كان هذا الاتحاد السعودي الحالي غير قادر على المنجز، فبكل تأكيد أن إعلامنا ونظرته القاصرة هو السبب الأول لتغيير نظرة الجميع تجاه المنتخب وتمثيل الوطن حتى من خلال الأندية.
من يتنطّع عند الانتصارات بمقولة (الإعلام شريك في النجاح)، فليملك قليلاً من الجرأة و يقول (نحن شركاء في الفشل).
خاتمة...
لو أردت لأحلامك أن تتحوّل إلى حقيقة، فإن أول ما عليك فعله هو أن تستيقظ. (حكمة)