أمل بنت فهد
الهزل وقت الجد سذاجة وسطحية.. والانشغال بالتوافه وقت العمل فشل وتقاعس عن حمل المسئولية وتحملها.. وعند الملمات يُفرَّق بين علو الهمم وقزامة التردد والتراجع.
واليوم المملكة العربية السعودية توضح للعالم أجمع كيف يكون الفرق بين القول والفعل.. بين الأحلام والواقع.. بتحالف يعقبه تحالف يحكي عن عزم لا تقف أمامه عوائق.. وتحد للطغيان والإرهاب والظلم.. وجهاً لوجه.. في النور وبكل وضوح لا يخالطه تعتيم الجبناء.
وعن دورنا.. دور الشعب فرداً فرداً.. في الوقوف مع مملكتنا وحلفائها لدحر العدوان.. كلنا مسئول.. ولا أحد مستثنى من المشاركة.. بالكلمة.. بأداء العمل بمهنية وإتقان مهما كان بسيطاً.. بتمثيل دولتنا في أي مكان بأخلاق نبيلة وإنسانية ورحمة وتفهم.. وإن عجزتَ عن تسجيل موقف وطني وآثرت البقاء في الظل.. وصعب عليك أن تقول خيراً.. فاصمت صمت الطيبين.
نحن في مرحلة لا تقبل ولا تتحمل حتى الأخطاء الفردية.. فالعيون الخائنة متربصة بالزلل.. والعيون المتأملة تترقب النصر والتمكين.. وكل مؤسسات الدولة.. حكومية وأهلية عليها أن تفهم وتستوعب أن توجهاتها إن لم تقف جنباً لجنب مع توجهات دولتها.. فهي محل شك وريبة.
وما حدث مع فتاة «النخيل مول» على سبيل المثال.. وشاهده العالم للأسف.. خطأ وإن كان فردياً إلا أنه كارثي.. وضخامته ليست من باب المبالغة للأسباب التالية:
أولاً: توقيت الحدث جاء في فترة تحتاج من الجميع الانتباه واليقظة لأي تحرك وحركة يمكنها أن تجعلنا مادة إعلامية بيد المغرضين والأعداء.
ثانياً: مكان الحدث شهير واحتمالات التوثيق بالتصوير وشهود العيان كبيرة وأكيدة.. وكلها تداعيات تشير بأصابع الاتهام صوب الفاعل وأي أجندة يخدمها.. فلا يمكننا أن نتوقع حسن النية ولا الجهل.. لأن التوثيق حاصل لا محالة.. ولا يمكن أن تقدم على فضيحة في مكان عام ومزدحم وتتوقع السرية والتكتم!
ثالثاً: التعامل بقسوة وعدوانية مع الطرف الأضعف.. واستغلال السلطة والمكانة.. والرد الغريب الذي سمعناه بأنه أحرص من الفتاة على نفسها.. تقودنا للسؤال عن الفكر الذي يحمله.. وما هي نظرته للمرأة وأهليتها لتكون فرداً حراً مسئولاً عن أفعاله.. وماذا عن حقوق المرأة هل يعرفها.. وكيف لم يردعه نصح الجمهور ولا صرخات الفتاة المستغيثة حركت إنسانيته ورحمته.. أين منه «رفقاً بالقوارير».. ومن ثم كيف يتم اختيار موظفي هذا الجهاز بأكمله.. فالقضية أكبر من خطأ في الإجراء.. إنها قضية فكر وأهلية للوظيفة.. قضية سمعة سياسية.. قضية إنسانية.
هذا الموقف وأي موقف من أي إنسان وأي منشاة مهما كانت جهتها.. عندما يكون بهذا الخلل يحتاج منا وقفة صارمة وحازمة كما عودتنا مملكة الإنسانية.