أمل بنت فهد
لطالما كانت المعلومات قوة لا تقهر ويمكنها أن تقلب موازين القوى في حركة غير متوقعة وفي لحظة حرجة تظن فيها أن النتيجة حُسمت ظاهرياً لصالح عدوك.. فهل تعرف قيمة إدراك ماهية السلاح المستخدم في أي حرب تحاك ضدك؟
ما يحدث غالباً أن الطرف الأضعف يكون مشغولاً بتلقي الضربات وعلاج الكدمات.. دون أن يفكر للحظة أن يجمع المعلومات الأهم والتي بإمكانها أن تغير موقعه على أرض المعركة.. لأن السلاح المستخدم ضده يحكي بوضوح عن نقاط ضعفه التي لا يعرفها ويدركها عدوه.. تلك المناطق الغائمة من طرفه ولا يدري أنها مكشوفة للغير.. فوضعه حينها مثل تخفي القط الذي يظن أنك لا تراه وجزء من جسده ظاهر.. فقط لأن مجال الرؤية عنده يوحي بتخفٍ كامل.. في حين هو تخفٍ جزئي «كوميدي».
السلاح الذي يربكك.. أو يخيفك.. أو يعيقك.. هو شرح مفصل لنقاط ضعفك.. سواء كانت عاطفية أم مهنية أم اجتماعية أم ذاتية.. هي أسرارك المكشوفة بأي طريقة.. سواء علمت كيف وصلت إليهم أم جهلت المصدر.. في حين أن السلاح الذي لا تخاف منه.. هو السلاح الذي تملك دونه حماية أو تكون أقوى من تأثيره.. ولن يخرج عن حيز المكيدة التي يمكنك أن تخرج منها سالماً لو استعملت أقوى الأسلحة.. سلاح المعلومة.
إلا أن بعض الأعداء من الذكاء أن يوهمك أنه يعرف عنك شيئاً ويستخدم عموميات يعرفها الجميع ليربكك ويضعف عزيمتك.. على سبيل المثال فنقطة ضعف المرأة أطفالها.. ونقطة الإنسان ماضيه وأسراره.. فتكون رمية من غير رامٍ.. لكن عندما تصدمه بردة فعلٍ باردة وثابتة وهادئة.. فأنت تحرق ورقة «الجوكر» التي يلوح بها على أنها دليل الأدلة على إدانتك وخزي وعار محتمل.
ولأن الحياة لن تخلو من كدر الحساد وإن كنت ملاكاً هائماً ينشر السلام والخير.. فلا بد أن تتحيز لنفسك قليلاً وأحياناً كثيراً جداً.. والعدو ليس شريراً تماماً.. لأنه قد يكون في صورة شريك أو قريب يفيده أن تبقى حيثُ أنت.. وأي محاولة لتغيير مكانك يعدها حرباً وتمرداً.. قليل من البشر من يقبل تحررك من منطقة الفائدة التي يجنيها منك.. وصنف منهم هو يحبك فعلاً لكنه يغار من تقدمك ونجاحك.. وهو بالمناسبة أخطر عدو تقابله في حياتك.. لأنه عدو متخفٍّ.. خاضع لنوبات الغيرة بين حين وحين.. وأنت مسترخٍ معه تمنحه أسرارك واليد التي تؤلمك فيسهل ليّها يوماً ما.. بينما العدو الذي يظهر عداءه وشراسته.. يعطيك فرصة أخذ الحيطة والحذر.. وهو أشرف كثيراً من صديقك الغيور.
اختصار الحديث.. تحفظ على أسرارك.. وعندما تفشيها كن مستعداً لمقابلتها في يوم خانق.. وإذا لاحت في الأفق أدخنة حرائق الحسد.. لا تفزع وابدأ بجمع المعلومات واعرف ماذا يحدث هناك.. لا تخش شيئاً إن لم تكن ملطخاً بالطين.. وركز في كل سلاح يُشهر في وجهك لتعرف الثغرة التي منها يصيبك.. لتحميها وتسدها.