أمل بنت فهد
لأن جمهورك من أعظم مصادر إلهامك.. فإن القارئ العميق والذكي يمكنه أن يكون مصدر إبداع.. القارئ الذي يحملك مسؤولية استمرار حياة الفكرة وتمددها.. قارئ يمطرك بالأسئلة التي تحكي عن الأوتار التي استطاعت أن تلامسها من عقله وقلبه وفكره.. فبعض الأسئلة من العبقرية أن تضخ في قلب المقال روحاً جديدة.
في مقال «اكسر سلاحك» كان لجزئية الشريك الغيور.. والذي يمثل خطراً على مسيرتك يبدأ من النكد وتجهم الملامح في أبسط حالاته.. ويصل للضرر المباشر في أسوأ حالاته.. كان لها نصيب الأسد في تساؤلات متشعبة.. فمن هو هذا العدو «الحبيب»؟
الغيرة على الشريك أمرها مختلف.. وأقحمت في أمور لا شأن لها بالغيرة وقد أشبعتها طرحاً في مقال «يا رجل..غيرة أم خيبة؟».
أما الغيرة من الشريك فهي محور حديثنا.. وأقصد بالشريك من تربطك به علاقة سواء عاطفية أو أسرية أو مهنية.. وهو الأخطر لأنك لا تدرك غيرته إلا متأخراً بعد أن تكون قطعت معه أشواطاً من العشرة والمواقف وتبادل الأسرار.. فما هي الغيرة أصلاً.. هي شعور مؤذٍ بالنبذ أو التجاهل أو الدونية يتبعه شعور بالكراهية والحقد أحياناً.. يشعر بها الغيور عندما تقطف نجاحاتك.. أو تبرز مزاياك أياً كانت.. تتكون في مراحل مبكرة من عمر الإنسان وأحياناً في عمر المراهقة والنضج كذلك.. فالغيور خضع لمقارنة مع قرين أفضل منه في نظر الآخرين.. قد يكون أخوه أو قريبه أو صديقه أو زميله.. تلك المقارنة تذبح ثقته بنفسه بشفرة غير حادة.. مؤلمة جداً له لكنها لا تجهز عليه تماماً فيبقى نازفاً أبداً متردداً أو شرساً.. وكذلك الطفل المدلل الذي تعود أن يحصل على كل شيء يريده هو مشروع غيور مستقبلي.. لأن لديه قناعة مطلقة بالأخذ.. وأسوأهم حالاً ذاك المنبوذ والمنفي في المجتمع.. لأنه سيكون عدو كل ماله علاقة بالنجاح والتفوق والجمال.. تكون لديه نزعة تدميرية ليس لها حدود.. وإن طالت يده وكان له نفوذ لن يتأخر عن سحق أي متميز في طريقه.
ليس كل غيور يمكن التعاطي معه في حياة طبيعية.. فبعضهم خطر وبعضهم مزعج فقط.. وهذا الصنف الأخير والذي غالباً يربطك به علاقة مهمة ولا يمكنك فكها أو قطعها.. خصوصاً إن كان الرابط بينكم أسريا.. لابد أن تعرف إن كان يعي أن مايشعر به غيرة فعلاً أم أنه عدم توافق في الأفكار أو الاهتمامات.. فإن كانت غيرة فعلاً وتأكدت منها.. فهو غالباً لا يدرك أنه يغار منك.. وكل ما يدركه أن نجاحك ومظهرك وإبداعك يحزنه.. وإن حاول أن يظهر العكس إلا أن مشاعر الإحباط تأتي في ذروة تتويجك وفرحتك.. يمكنك أن تفتح حوار معه عن الغيرة بشكل عام.. وتسأله عن رأيه لتفهم كيف يفهمها.. ومن ثم تطمئنه أنه عندما يكون شعور طبيعي فإنه يصادف الجميع.. لأن نجاح الآخر وتميزه يذكره بنقصه وينسيه مواطن الإبداع والتميز الذي يتمتع به.. فلا يراه.. هو بحاجة لأن تخبره عن جماله الذي لا يعرفه.. ومهارته التي لا يدركها.. باختصار أعد له ثقته في نفسه وامسح مرآته من كدر الماضي ليرى نفسه كما تراه جميلاً.