أمل بنت فهد
الحلم والهدف من أعظم أسباب الحياة.. ليس لأنهما يمنحانك سبباً للعيش بل لأنهما يضخان فيك قوة، ويدفعانك بإصرار بعيداً عن منطقة التوقف والحيرة والملل. وعند نقطة الوصول تتباين أحوال المسافرين إلى أحلامهم.. منهم المتعثر عند نقطة البداية.. بمعنى أنه لم يتحرك، ولا يزال في مكانه، وأسبابه كثيرة: إما أنه لا يدري كيف يبدأ.. أو لا يعرف أين سيصل.. أو غشاه التردد والخوف من احتمالات الفشل. ومنهم من توقف قبل الوصول بخطوات بسيطة؛ لأنه فقد في غمرة التعب حماسه وانهزم. أما الذي وصل واحتفى بلقاء حلمه أخيراً فهو الذي لم يكتفِ بإيمانه بذاته.. ولم يقلل من أهمية العوائق المتوقعة والمفاجئة.. قبل إمكانية التباطؤ ورفض التوقف. فما هي خلطة أو خطة البقاء على قيد التنفيذ!.. ما هو سر الخطوات المستمرة مهما تعثرت، ومهما جُرحت، ومهما أُرهقت!.. كيف لبعضهم أن لا يتوقفوا إلا حيث قرروا الوصول؟.. من أين لهم تلك العزيمة والإصرار ونضج الحركة والتحرك؟
إذا اتفقنا أن النتائج لا تخضع لمزاجية الحظ.. بل إن الحظ منطقي في حضوره.. صريح في اختياره.. لا يقطع وعوداً، إنما يضع شروطه، وبقدر التزامك بتطبيقها يقبل إليك ويحالفك.. لذا أعتقد أن أهم مطب يقع فيه الإنسان عندما يريد الحصول على شيء يتمناه، أو يطمح إليه، تلك الخطوة المتهورة التي يضع فيها كل الاستعداد والتخطيط والموارد.. كل شيء.. دون أن يضع في اعتباره ماذا يفعل إذا تعذر التطبيق لأي سبب كان.. أي أنه وضع علاج احتمالات التعثر في كفة الطوارئ.. وتلك حسبة كارثية؛ لأن مبدأ الطوارئ يُتخذ لمحاولة تقليل الخسائر.. أي في الحالات الطارئة، والحالات غير الطبيعية والخارجة عن نطاق السيطرة أساساً.. كالموجود في منطقة الزلازل دون أن يضع في اعتباره تغيير مكانه، أو يغير نمط حياته وبيئته بما يحقق أقل نسبة من الخسائر، وإن كان احتمال حدوث الزلزال ضعيفاً.. فالوقاية خيرٌ لا ينقطع، وصمام أمان قد لا تحتاج إليه طيلة عمرك إلا أن مجرد ضمانه كفيل بمنحك أماناً مؤكداً.
لذا عندما تختار أمراً، وتقرر الوصول إليه، لا بد أن يكون لعملية الوصول خيارات مختلفة وعديدة.. إن لم ينجح أول طريق فوراً تتحول للطريق الثاني.. وإن حدث أيضاً ولم ينجح فالطريق الثالث متاح.. وهكذا.. المهم أن لا تنتهي الخيارات.. بل في كل مرة يُغلَق اختيار تفتح بدلاً منه اختيارات أخرى.. هنا تحديداً يغادرك التوقف دون رجعة.. ولا تفارقك العزيمة والإصرار.. وتتضاءل نسب الفشل والخروج النهائي.
في أي أمر تريده.. إن لم تخلق للوصول طرقاً رئيسة وفرعية وخفية.. وطرقاً تفرضها فرضاً، وتشقها، وترصفها بيديك إن لزم الأمر.. فلا تلوم الظروف.. ولا الحظ.. ولا الآخرين.. فأنت وحدك مَنْ اختار أن يحصر نفسه في زاوية.