حميد بن عوض العنزي
الحديث عن التكامل التنموي وشراكة القطاع الخاص كأحد أهم المكونات الأساسية في تنمية أي دولة، يأخذ دائماً أبعاداً مختلفة وفقاً لطبيعة وثقافة كل بلد إلا أن العامل المشترك هو اعتباره جزءاً أصيلاً من المكون الاقتصادي والتنموي وقوة تضاف إلى قوة أي بلد.
لدينا الوضع مختلف معظم المسؤولين الحكوميين وبعض رجال القطاع الخاص يتحدثون عن تشاركية إستراتيجية بين العام والخاص.. والحقيقة أن الواقع لا يوحي بتلك الشراكة الأستراتيجية التي أهم متطلباتها أن يكون الطرفين يسيران على نفس الخط وبجميع المراحل وتتوحد من خلال هذه الشراكة رؤية وطنية وذات بعد إستراتيجي بعيد المدى تنفذ وفق خطة زمنية تتسم بالاستقرار والوضوح لجميع الأطراف، لنأخذ مثالاً واحداً, الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل, هذه القضية أشبعت بحثاً وهي أحد دلائل غياب الشراكة الإستراتيجية فلو كان القطاع الخاص شريكاً حقيقياً لتم تمكينه من المشاركة الفاعلة في بناء منظومة التعليم فهو الآن فقط يتلقى مخرجات ليست موائمة لمتطلباته في سوق العمل ويجبر على توظيفها في إطار قوانين السعودة التي تهطل عليه بشكل شبه يومي ومربك.
نعم القطاع الخاص مطالب بواجبات وطنية تجاه الشباب ولكي يكون التعامل مبني على أساس متين يفترض أن الشراكة تكون إستراتيجية قولاً وعملاً وعلى أرض الواقع ليكون المنتج النهائي ذا جدوى حقيقية يتميز بالديمومة الإستراتيجية كمنهج عمل.
علينا أن نعترف بوجود مشكلة في الصورة الذهنية الخاصة بالقطاع الخاص وهذا للأسف حتى على مستوى بعض النخب وإلا ماذا نسمي قول أحد أعضاء مجلس الشورى, (رجال الأعمال لا يعرفون كيف يوظفون السعوديين ولا كيف يستخدمون التقنية) وهذا الكلام ذكر تحت قبة الشورى -وفقاً لما نشرته الجزيرة يوم الخميس الماضي-, وكثير من المداخلات تحمل نفساً سلبياً تجاه القطاع, هل هذا المنطق ينبئ عن شراكة حقيقية وتكاملية؟.. إن مثل هذه الاتهامات عندما تصدر من نخب محسوبة على الرأي العام تكرس جزءاً مهما من الصورة المشوهة ،ومن المؤسف أن يصل الأمر إلى التلميح بالخيانة الوطنية وهذا أمر خطير فيه تأليب للرأي العام تجاه مكون أساسي من مكونات الوطن الاقتصادية، ومن هنا يجب أن نعترف أن لدينا إشكالية كبيرة في مفهوم القطاع الخاص لدى البعض وهناك عدم واقعية في التعاطي مع المفهوم الحقيقي لقطاع الأعمال، وهذا لا يعني أن القطاع الخاص خالي من العيوب ولكن لا يجب أن نركز فقط على النصف الفارغ وعلينا أن نكون منصفين في النظر لكامل الصورة.