حميد بن عوض العنزي
الأحداث المتسارعة والتغيرات المتتابعة التي عاشتها المنطقة العربية خلال الاثني عشر شهراً التي مضت قد تكون من أصعب وأخطر المراحل التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية. ووسط هذه الاضطرابات المتداخلة التي لا يمكن تبرئة القوى العظمى من إذكاء كثير من أسبابها كانت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين قد أخذت موقعها على خارطة الأحداث، والتصدي لكثير
من المخططات المعادية. وكانت بلادنا - ولله الحمد - صمام أمان لكثير من الدول الشقيقة، وإن كانت المعركة لم تنتهِ إلا أن كثيراً من ملامح التأثير السعودي قد بدأت تتشكل بكل قوة، سواء على مستوى التأثير السياسي النابع من صلابة الموقف الذي يستمد قوته من عدالة التحرك السعودي الهادف إلى إرساء الاستقرار والوقوف مع الشعوب المظلومة ودعم حقوقها العادلة في تقرير المصير، والتشديد على منع أي تدخل فارسي في شؤون البلاد العربية والإسلامية.
** وطوال عام كامل من تولي الملك سلمان مقاليد الحكم لم تهدأ الساحة الدبلوماسية في الرياض في ظل حرص كثير من زعامات العالم المؤثرة على جعل الرياض ركيزة أساسية في كل تحركاتهم تجاه قضايا المنطقة. ولم يأتِ ذلك من فراغ؛ فقد عرف العالم حكمة وحنكة الملك سلمان، وحرصه الشديد على استقرار المنطقة.
ورغم هذا الانشغال السياسي والعسكري إلا أن كل ذلك لم يشغل الملك سلمان عن المسار التنموي والإصلاحي؛ فقد شكَّل المجلسين (مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية)، اللذين قادا كثيراً من التطوير في العمل الداخلي. والمستقبل - بمشيئة الله - حافل بالإنجازات التي ستكون على مستوى التطلعات.
وكان التعامل المتوازن مع تقلبات أسعار النفط أحد أهم الإنجازات التي تضاف للمنجز السياسي والعسكري والأمني. ويمكن القول إن العام الأول من بيعة الملك سلمان كان عاماً استثنائياً بأحداثه السياسية، سواء في سوريا أو اليمن، أو بأحداثه العسكرية المتمثلة في القرار الاستراتيجي بالتدخل العسكري في اليمن انتصاراً للشرعية وللشعب الشقيق. وهو كذلك استثنائي في أحداثه الاقتصادية. وقد حملت هذه رسائل كثيرة للأعداء والأصدقاء. فالأعداء عرفوا تماماً أن المملكة قوية بقيادتها ولحمتها الوطنية وبنيتها الاقتصادية والعسكرية، وأنها قادرة على حماية أراضيها ومكتسباتها، والتصدي بكل شجاعة لأي خطر يقترب من حدودها. أما الأصدقاء فقد بينت لهم تلك الرسائل أن المملكة كانت - ولا تزال - مخلصة في ذودها عن الأمة، وأنها ستكون بعون الله خير عون وسند للأشقاء والأصدقاء.
حفظه الله بلادنا، وأمد بعمر ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز، ومتَّعة بالصحة والعافية.