فهد بن جليد
تناولت معظم الصحف العربية والخليجية خلال اليومين الماضيين، صور جنازة مهيبة (لرجل أعمال) مصري لم يكن معروفاً إعلامياً، ولكن (نصف مليون) من الفقراء المصريين الذين شكَّلوا (مشهداً مهيباً) لتشييعه أمس الأول، وسط ذهول العالم من الصور التي علَّقت عليها العديد من القنوات الفضائية، ومقالات الصحف العالمية جعلت العالم يعرفه، فمن هو صاحب الجنازة؟ وما هي قصته؟!.
باختصار هو (صلاح عطية) الذي وُلد فقيراً في قريته بمحافظة الدقهلية، وتعلّم بصعوبة حتى حصل على شهادة الهندسة الزراعية، وحاول مع (ثمانية أشخاص) من أبناء قريته بناء مشروع دواجن، رغم إمكاناتهم المادية المتواضعة، وكانوا في حاجة لشريك (عاشر) يكمل لهم الـ(2000 جنيه) تكلفة المشروع، فلم يجدوا؟ عندها قال (صلاح) وجدت الشريك العاشر إنه (الله) سنجعل له سهماً في تجارتنا على أن يتكفل بحماية المشروع من الأوبئة والأمراض، وافق الجميع وتم تسجيل الشراكة مع (الله) في الشهر العقاري، وفق النظام!.
في السنة الأولى نجح المشروع نجاحاً باهراً، فقال صلاح سنرفع سهم الله إلى 20% في السنة الثانية، وهنا تطور المشروع عاماً بعد عام، ليحقق أرباحاً طائلة، وفي كل سنة كان (سهم الله) يزداد، حتى بلغ 50% من الأرباح السنوية، التي كانت تصرف على الفقراء، وتغيِّر من حياتهم نحو الأفضل؟!.
فقد تم طوال السنوات الماضية بناء 8 معاهد لتعليم أبناء الفقراء من (البنين والبنات)، وعند محاولة بناء أول كلية في القرية واجهت الفكرة مُعضلة النقل، حيث يشترط أن يكون هناك محطة قطار في أي مدينة تنشأ فيها كلية، وقد تم ذلك بالفعل حيث أقيمت محطة قطار من أرباح المشروع، وتم بناء 4 كليات بدلاً من واحدة، ومُنح الطلاب من القرى المجاورة تذاكر مجانية لركوب القطار وإكمال تعليمهم، وبيوت للطلاب والطالبات (المقيمين)، وبيت مال للفقراء... فصول هذه (القصة المُلهمة) لم تنته بوفاة بطلها، فقد رحل ولكن ذكره ارتفع على ألسُن كثيرين لم يعرفوه إلا بعد موته!.
أسوق هذه القصة للعبرة والعظة، لكل من رزقه الله مالاً يستطيع أن يتاجر به مع الله، وأنا أعلم أنّ من بين رجال الأعمال السعوديين (نماذج مُشرفة) تستحق الإشادة أيضاً، ولكن لأني (أحبهم) أخبرتهم بهذه القصة!.
وعلى دروب الخير نلتقي.