أ. د.عثمان بن صالح العامر
لقد كان لي شرف مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في قصر اليمامة بالرياض، وأتذكر في مثل هذه الأيام المباركة العام الماضي؛ كيف كان الناس من جميع الشرائح ومن كل الفئات والطبقات والمناطق والقبائل يحيطون بالقصر حتى ساعة متأخرة من الليل، الكل منهم يتطلع ويتوق لمصافحة الرجل الفذ والقائد المعروف سلمان بن عبد العزيز مبايعاً له ومعلناً حبه لشخصه والتزامه بالسمع والطاعة له وولي عهده وولي ولي العهد؛ ومجدداً الولاء للدوحة السعودية المباركة، والنصرة لولي الأمر في غير معصية الله، ولا أنسى مشاهد مسيرات رؤساء العالم وقادته وهم يتوافدون من شرق الدنيا وغربها، شمالها وجنوبها ليبايعون سلمان بن عبد العزيز خادماً للحرمين الشريفين، ملكاً للمملكة العربية السعودية، ومبعث هذا التقاطر على العاصمة الرياض منزلة هذه البلاد المباركة، وشخصية الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز التي لا تخفى على أحد؛ فالقادة والمؤرخون والكتاب والمثقفون والنسابة فضلاً عن السياسيين والعسكريين والخيرين والطبقة الشعبية الكادحة و... يعرفون جيداً من هو سلمان بن عبد العزيز سواء في عمق الثقافة أو حسن الإدارة أوامتلاك القرار الصائب والكاريزما الشخصية والعلاقات الواسعة والحذق والحدس والفطنة والذكاء والقرب من ذوي الحاجة والمعوزين والفقراء والمساكين و...، ولعل من بين مزايا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه الكثيرة إلمامه بالتاريخ وعلمه بالأحداث ومعرفته الواسعة بالطبائع التي جبل عليها هذا الجنس أو ذاك من بني البشر، والخصائص والسمات لهذا الشعب دون غيره من بقية الشعوب، وهذه وتلك بعد عون الله وتوفيقه منحت سلمان بن عبد العزيز القدرة على اختزال الأحداث والمضي بوطنه المملكة العربية السعودية وبمحيطه الخليجي وبأمته العربية وبعالمه الإسلامي قدماً للأمام، ولعل من يقرأ عاماً مضى منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الحكم؛ يتوقف كثيراً متأملاً في سرعة الأحداث وكثرة تداعياتها، التي تولد معها:
* عودة مركز القيادة الحقيقي للعالم الإسلامي فضلاً عن العربي والخليجي للمملكة العربية السعودية دينياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وهذا الشيء ليس بالأمر الهين ولم يكن له أن يتحقق في ظل الظروف المعاصرة والتحديات الجاثمة على صدر عالمنا الإسلامي في عام واحد لولا توفيق الله عز وجل ثم وجود الرجل الألف «سلمان بن عبد العزيز».
* تشخيص العدو الإيراني، وتعريته بأفعاله وتاريخه، ومن ثم مواجهته بقوة وحزم، فهو وإن لم يظهر في تفاصيل بعض الأحداث التي تجري داخل أراضينا السعودية وللأسف الشديد أو في المنطقة من حولنا، إلا أنه المتهم الأول فيها؛ إذ إن الحكومة الإيرانية في مشروعها التوسعي «الصفوي - الفارسي» تعتمد على التوظيف المشين لولاء الشيعة العقدي في كل جزء من خليجنا العربي ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.
كما أن من بين ما يسجل لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في عام:
* التذكير بالمرجعية، والتأكيد على الشرعية، والتحقق من توافر مقومات ومرتكزات عدالة التوزيع ومحاربة الفساد في جميع قطاعاتنا الحكومية، وهذه الثلاثة هي أشر أوداء مجتمعات العالم الثالث وسبب تخلفها ورجعيتها كما هو معروف لدى أهل الاختصاص.
* إشراك القيادات الشابة المتخصصة بالإدارات العليا والمتوسطة في قطاعات الدولة المختلفة.
* تحديد معالم هويتنا الثقافية وشخصيتنا الإعلامية لقبيلة المثقفين والكتاب السعوديين.
* العمل على إعادة الهيكل الإداري الأعلى في الدولة وتسهيل الإجراءات حرصاً على سرعة الإنجاز والتخلص من البروقراطية الإدارية المقيتة.
* الحرص على تنوع مصادر الدخل، وإشراك القطاع الخاص في صنع التنمية المستدامة بجميع مناطق المملكة، فنفطنا يجب ألا يكون المورد الوحيد لنا في قادم الأيام، فهو وإن عاد سعره للارتفاع يوماً ما فهو مهدد بالنضوب والانتهاء لا سمح الله.
* الاهتمام بالقطاع التنموي الثالث «الأهلي والخيري» ودعمه وتشجيعه ورعاية مناشطه ومتابعتها وحث الموسرين على التبرع لها، وهذا ليس جديداً في تاريخ سلمان بن عبد العزيز أدامه الله.
* مواجهة الإرهاب بكل أشكاله وبجميع فصائله بكل قوة وحزم، وإعلان قيادة المملكة العربية السعودية للتحالف الإسلامي الساعي للوقوف صفاً واحداً في وجه هذا العدو الدموي الفتاك «فكرياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً».
* خلق جو من التفاؤل بامتلاك القدرة على مواجهة سيل التحديات الغربية منها والشرقية الساعية إلى زرع ما أُطلق عليه «الفوضى الخلاقة» في المنطقة، تمهيداً لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بخارطة جديدة تختلف عمّا كان قد تم الانتهاء إليه في اتفاقية «سايكس بيكو» المعروفة.
حفظ الله قادتنا، وحمى بلادنا، ونصر جندنا، وأذل أعداءنا، وأدام عزّنا، ورزقنا شكر نِعَمه، وأبقى لحمتنا ووحدتنا والتفافنا حول أمرائنا وعلمائنا، ووقانا جميعاً شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.