أ. د.عثمان بن صالح العامر
لم يكن السبت الماضي يوماً عادياً في تاريخ الإرهاب وسجل الإرهابيين الذين يريدون النّيل من أمن واستقرار المملكة العربية السعودية، ويتطلعون إلى الإفساد والفساد في الأرض باسم الدين تارة، والمصالحة العامة المدّعاة تارات.
* لقد قال القضاة حكم الله - سبحانه وتعالى - في هؤلاء الأشخاص السبعة والأربعين - الذين ينتمون إلى الفئة الضالة، المدانين في جرائم إرهابية - مستندين فيما ذهبوا إليه - حفظهم الله ورعاهم - من إقامة حد الحرابة أو القتل تعزيراً في هؤلاء الإرهابيين إلى شرع الله عزّ وجلّ «القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهّرة» اللذينِ هما دستور هذه البلاد المباركة، ولم يراعوا فيما قالوا وكتبوا وأصدروا من صكوك شرعية صادقت عليها محكمة الاستئناف المختصة والمحكمة العليا أحداً من البشر.
* ومع يقين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ممّا سيحدثه تنفيذ هذه الأحكام من ردّة فعل عالمية، فقد صدر - أيّده الله وحماه - أمره الملكي الكريم بإنفاذ ما تقرر شرعاً وصدق من مرجعه بحق الجناة المذكورين.
* وبالفعل فقد تم صدور بيان مقام وزارة الداخلية السبت الماضي بتنفيذ ما تقرر شرعاً بحقهم في مناطق المملكة جميعاً ما عدا جازان، ونفذ ذلك في حينه.
وهنا يحسن بنا جميعاً أن نعي وندرك ونتذكر أمورًا عدة أهمها في نظري:
* أنّ هذا النهج من قيادتنا الحكيمة الرحيمة الحازمة الجازمة في آن، لهو صفعة في وجه العولمة التي تريد أن يسود النظام الرأسمالي - الذي يعلي من شأن الفردية في مقابل المصلحة الجماعية كما هو معلوم - في جميع بلاد الدنيا، كما أنه تحقيق لسيادة شرع الله في بلاد الحرمين الشريفين حماها الله، وفي ذات الوقت ضربة في الصميم للمخططات الإرهابية والتحركات المشبوهة التي تريد بقيادتنا وبنا - نحن الشعب - وبعقيدتنا التي ندين الله بها وببلادنا وأرضنا التي عليها نحيا ونعيش، الفتنة والشر والسوء.
* أنّ من الواجب على كل فرد منا مهما كان مكانه في خارطة الوطن الدعم الكامل لقيادتنا الحكيمة وولاة أمرنا، فيما اتخذوه من إجراءات حاسمة تجاه تنفيذ أحكام القضاء بحق هؤلاء المنتمين للفئة الضالة المدانين بأعمال إرهابية وتخريبية، تريد أن تنال من أمن الوطن وأمانه، وتفسد على الناس حياتهم وطلب معاشهم، إذ لابد أن نظهر في هذا الموقف يداً واحدة وصفاً متراصّاً متماسكاً، في وجه أعداء الوطن وسُرّاق العقيدة المتربصين بنا الدوائر، سواء في الداخل أو الخارج.
* اليقين الجازم باستقلالية القضاء في المملكة العربية السعودية، والثقة فيما ينتهي إليه القضاة من أحكام، فهم أناس نشئوا في أحضان أسر معروفة بالصلاح والاستقامة، وتخرجوا في كليات الشريعة والمعهد العالي للقضاء، وأمضوا سنوات من عمرهم في السلك القضائي المتخصص، وعُرف عنهم القوة في الحق والخوف من الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، جزماً منهم أنه - سبحانه وتعالى- سيوقفهم بين يديه يوم الدين، ويحاكمهم على ما حكموا به صغيراً كان أو كبيراً، في يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلاّ من أتى الله بقلب سليم.
* الأخذ بما قال ويقول علماء الأمة الكبار في مثل هذا الظرف الذي نمر به، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاء،ِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا». رواه البخاري، فنحن بفضل من الله ومنّه ما زال فينا بقية من العلماء الربانيين الذين يجب الأخذ عنهم وسؤالهم عمّا عنّ لنا وأشغلنا، فهم أهل الذِّكر الذينَ أمرنا الله بالعودة إليهم حين يشكل علينا أمرٌ من أمور الدين، ولقد تحدث فضيلة الشيخ العلاّمة صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء - حفظه الله ورعاه وأمد في عمره ونفع به الإسلام والمسلمين - للإخبارية صباح السبت الماضي بكلام فصل «جامع مانع» يجب الأخذ به والتعويل عليه في هذا الأمر؛ ففيه بغية السائل وإرشاد الحيران والمشكك.
* الحذر من الانسياق وراء الشائعات التي قد يروّج لها أعداء الوطن في مثل هذه الظروف، وتجنب تناقل وإرسال المشاهد والصور التي تصل إلينا، قديمة كانت أو حديثة، لردود أفعال سلبية إزاء هذا العمل الحازم المبني على أساس ديني صحيح، وبه يتحقق بإذن الله استتباب الأمن في ربوع البلاد، وكما قالت العرب: «القتل أنفى للقتل»، وأعظم منه وأبلغ قول الله عزّ وجلّ: {وَلَكُم فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ}.
حفظ الله قادتنا، وحمى بلادنا، ونصر جندنا، وأذل أعداءنا، وأدام عزّنا، ورزقنا شكر نِعَمه، وأبقى لحمتنا ووحدتنا والتفافنا حول أمرائنا وعلمائنا، ووقانا جميعاً شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام .