أ. د.عثمان بن صالح العامر
لم أحضر ورش عمل «التحول الوطني»، لكن كان لي شرف الاستماع عبر قنوات التلفزة لكلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد، وزير الدفاع رئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية في هذه المناسبة الوطنية المتميزة التي وَصفها الكتاب والمثقفون والقياديون ورجال المال والأعمال بالشفّافة الصريحة، وذات الدلالة الواضحة والعميقة المستشرفة لمستقبل وطني مشرق، برؤية شمولية ومنهج متكامل ومسئولية مشتركة وعمل جاد.. أقول: وإن فاتني الحضور لفعاليات العاصمة الرياض يوم الأربعاء 5- ربيع الأول - 1437 هـ، فإنني سمعت وقرأت عن هذا الحدث المميز ما يخولني الحديث عنه والتعريج عليه في هذه الزاوية «الحبر الأخضر»، شعوراً مني بواجب المشاركة الوطنية في إبداء وجهة النظر الشخصية بهذا المشروع التاريخي المفصلي المهم في حياتنا التنموية.
إن التحوّل الوطني الذي بشّر به وأعلن عن تبنيه ووعد بمتابعته وإعلان نتائجه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، والذي يبدأ العمل به مع مطلع هذا العام الميلادي 2016 وحتى نهاية عام 2020م يتطلب في نظري:
* إعادة النظر من قبل اللجان المتخصصة في الصلاحيات والمسئوليات الملقاة على عاتق شاغلي المراتب العليا من أصحاب السمو الملكي الأمراء «أمراء المناطق» ممثلي خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية في مناطقهم، وأصحاب المعالي الوزراء الذين يشغلون الحقائب الوزارية ذات المساس بمصلحة المواطن في كل شبر على أديم أرض وطننا الطاهر، إذ إنّ من الإشكاليات المعقدة والمتجذرة لدى الإدارات الوسطى في مناطق المملكة المختلفة تحقيق التوافق الفعلي بين ما تطلبه مجالس المناطق التي هي أقرب للواقع الخاص بهذه المنطقة أو تلك، وما هو ضمن أجندة أولويات الوزارة ذات الاختصاص التي تُعدّ المرجع التنظيمي والإداري لهذا المسئول، وصاحبة الكلمة الفصل في ترسية هذا المشروع أو ذاك، ليس هذا فحسب، بل إن المدير العام مطالب من قبل المجتمع بالوفاء بمتطلباته وتلبية احتياجاته، مهما كانت خارج صلاحياته وليست في مستطاعه .. يكون ذلك بمنح إمارات المناطق ومجالسها صلاحيات أوسع تخوّلها عقد المفاضلات بين المشاريع المختلفة والأماكن المتباعدة، وترتيب الأولويات التنموية وتنسيق الجهود الميدانية بين الإدارات المتعددة، ومتابعة التنفيذ اليومي، ورفع التقارير التفصيلية وتحديد نسبة الإنجاز وجوانب القصور والإهمال، ومعرفة التحديات والعقبات ومن ثم المحاسبة والمساءلة.
* توعية المجتمع بأهمية دور المواطن في المشاركة الحقيقية بالتنمية المحلية، فهو الرقم الأهم في معادلة التنمية المستدامة في مجالات الحياة المختلفة.
* وجود مراكز متخصصة في جميع مناطق المملكة، تهتم بتنمية الوعي التنموي العام، ووضع معايير ومؤشرات إحصائية دقيقة تقيس هذا الرأي وتحلل النتائج، خاصة وأن صاحب السمو أشار في ثنايا كلمته المميزة إلى أن المساءلة للوزراء والمسئولين عن وعودهم التي أطلقوها وألزموا أنفسهم بها ستكون «من قبل الشعب».
* تمتع أصحاب المعالي الوزراء بالروح نفسها التي بدأ بها صاحب السمو هذا المشروع، والنسج على المنوال نفسه «شفافية ووضوح» وأحاديث مدعمة بالأدلة والبراهين والأرقام التي لا تجعل لأحد مجالا للشك أو الاتهام المبطّن القائم على سوء الظن.
* وجود قاعدة بيانات شاملة وواسعة على أساسها يكون اختيار «القوي الأمين» المؤهل لشغل هذا المنصب أو ذاك في خارطة العطاء التنموي، مع العلم أن القوة تختلف باختلاف المهمة التي تترتب على المكان الذي سيشغله المرشح الموثوق به، والمكلف بتحقيق عدالة التوزيع، والوفاء بمتطلبات التنمية الوطنية المستدامة.
* تكاتف الجهود والتعاون والتشارك بين الجميع، بعيداً عن الحسابات الخاصة والرغبات والأهواء الشخصية المؤثرة في القرار الإداري للمسئول.
* الاعتماد على الدراسات والأبحاث التخصصية، وضمان دقة وجودة دراسات الجدوى الاقتصادية التي تعد من قبل مراكز دراسات داخلية أو خارجية، قد لا تكترث كثيراً بما يعزز الجانب الاقتصادي الوطني محل الاهتمام.
لقد طالب صاحب السمو الحضور بإبداء النقد قبل الثناء، وإعطاء الملاحظات قبل سَوق الإعجاب، ومن هذا الباب وعلى هذا الأساس كانت هذه الكلمات، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.