رجاء العتيبي
شاهدت الخميس الماضي مباراة الهلال والنصر 2- 1، لصالح الهلال، شاهدتها كمراقب وناقد ومتسائل بحضور بعض الزملاء في المجلس، هكذا جعلت نفسي طالما أن قراراتي بيني وبين زملائي المتباينين في الميول، لم أشاهدها كزعيم، ولا كعالمي، شاهدتها ناقدا فنيا لم تعجبه الانفعالات السطحية للاعبين في كلا الفريقين، ما أن يضيع هدف إلا وتجد حالة انفعالية مبالغا فيها من الأسف والشد والقهر أكبر من مجرد هدف ضاع أو صافرة محبطة أو عرقلة خصم.
شاهدت أن كل فريق سواء الهلال أو النصر متباينين في التفكير والجسم والثقافة، وهذا لا يساعد على بناء (فريق منسجم)، ويعطينا انطباعاً أن (تجميع الفريق) الواحد تم من أكثر من مصدر وليس حسب رؤية فنية واحدة، فعلى سبيل المثال: إذا كان الفريق يتسم بلغة جسد رياضية متسقة، بخلاف لاعب واحد يركض بشكل مترهل، أو حركته بطيئة أو يلعب بشكل غير مريح للعين، فإن هذا اللاعب أو من يشبهه من اللاعبين سيكون سببا في إفساد (الشكل البصري) لحركة الفريق ما يجعل الجمهور غير متفاعل مع الفريق، ذلك أن (الجمال الفني) أحد أهم الأسباب لاستمتاع الجماهير (منتخب البرازيل نموذجاً).
شاهدت أن الفريقين لم يتغير (شكلهما الخارجي) رغم تغير اللاعبين، ففريق النصر قبل 7 سنوات مثلاً، هو نفسه من حيث الشكل ونوع اللاعبين وطريقة الأداء، وكذلك الهلال، حتى أنك يمكن أن تجد لكل لاعب ما يقابله من اللاعبين في سنوات مضت، ولا نعلم عن سر توارث (الشكل الخارجي) للفريقين، فعلى سبيل المثال (شبهاً أو لعباً أو شكلاً)، لن تجد الاتحاد يلعب بأسلوب الهلال، ولا الشباب يلعب بأسلوب الأهلي، ولا النصر يلعب بأسلوب الهلال، كل يعمل على ترسيخ (شكله) منذ أمد بعيد وكأنهم أبناء رجل واحد حتى صار بصمة لا تتغير بتغير المدربين واللاعبين والإداريين والرئيس.
شاهدت أن الفريقين لا يفكران في تطوير أساليب جديدة مقصودة بذاتها ذات أبعاد استراتيجية، بقدر تفكيرهم كيف يحصلون على بطولات ليس غير، أسلوب اللعب وطريقة الأداء وإيقاع النفس والانفعالات توحي بأن الطموح لا يتعدى أنوف اللاعبين: فوز أو بطولة أو إعاقة تقدم فريق، لا حلول للمشكلات، لا حلول للمديونيات، لا رؤى مستقبلية للفريق سوى أنه يلعب ويلعب.
شاهدت توترا عاليا لدرجة الأمراض الجسدية والنفسية، ابتداء بالجمهور مرورا بالرئيس وزملائه في دكة الاحتياط وانتهاء باللاعبين، توتر أقل ما يقال أنه غير صحي، تعرف أن هذا (Over) عندما تقارنه بسلوك منتخب اليابان في الملعب، لا صراخ لا عصبية لا انفعالات تغير شكل الوجوه والملامح، بل إذا سجل أحدهم هدفا عاد لنصف ملعبه بهدوء وسط تبريكات متزنة وكأنه (طبيعي) يسجل هدفاً أو يضيع فرصة، قارن ذلك بالانفعالات الحمقاء والشعور الهستيري الذي يتحول فيه شكل اللاعب إلى شبح مخيف إذا غضب.