رجاء العتيبي
تبدو كتب أدبيات الثورة لعدد من الناشطين السياسيين التي ظهرت في السنوات القريبة الماضية (هزيلة) و(مضللة) و(وتافهة) مثل: أسئلة الثورة، يوميات الثورة، في الثورة، تنظير التغيير. وتفاهتها تكمن أن عدوا ما كتبوه شيئا عن الثورة، وهي بخلاف ذلك، فهي لا تعدو كونها توجيهات لحركات سياسية مقصودة بعينها للقفز إلى سدة الحكم، وتعرف تفاهة هذه الكتب عندما تقرأ عن الثورة في الكتب الغربية بوصفها أكثر عمقا ورصانة وصدقا، فمنظروا الثورة هناك، ليسوا سوى مفكرين مستقلين، لا يعنيهم الحكم ولا السلطة ولا الحزب.
عندما تكتب عن الثورة عليك أن تكون مستقلا وحياديا - تكون مفكرا وباحثا ودارسا: تصف وتنظر وتقرأ وتحلل وتستنتج، مثلما فعل المؤلف والمفكر الأمريكي (كرين برينتن) في كتابه (تشريح الثورة) الذي صدرت طبعته الأولى العام 1938 م وأعيد طباعته في العام 1964م فهو لا يدرس ثورة بعينها، ولا يركز على دولة محددة، وإنما يدرس الثورة كبنية أو كفكرة.
ويقول برينتن : «إن معظم الثورات تنتهي عمومًا بالعودة إلى حيث بدأت. وتنشأ بعض الأفكار الجديدة ويتحول هيكل القوة قليلًا وتطبق بعض الإصلاحات، غير أن الوضع القائم يصبح مشابهًا للوضع في فترة ما قبل الثورة وتشرع الطبقة الحاكمة مرة أخرى بالإمساك بزمام السلطة». لهذا يخلص برينتن إلى نتيجة تجعله يقف ضد الثورات «كفلسفة للتغيير» أكثر من انحيازه لها.
قال ذلك وفقا لمنهجية تعد الأكثر دقة ورصانة وصدقا وثباتا وعلمية عن غيرها من الكتب التي تناولت هذا الموضوع.
أما كتب الثورة التي ألفها (الحركيون) الخليجيون والعرب فلا تعدو كونها (تحريضا) للخروج للشارع لا أقل ولا أكثر، لتفقد الدولة توازنها ويقفزوا على السلطة، من هنا تأتي تفاهة هذه الكتب وكذبها وتضليلها .
كان لهذه الكتب تأثيرها أيام السخونة التي عاشها الشارع العربي في السنوات الثلاث الماضية، ولكنها الآن تبدو هزيلة لا قيمة لها، وتكشفت من بين سطورها (النهم للسلطة، فهي في حقيقتها (موجهات) لأعضاء الحزب الحركي: كيف يتحركون، وكيف ينظمون المظاهرات، وكيف يتعاملون مع رجال الأمن وكيف يدبجون الخطب العاطفية لاستمالة الجماهير لهم.