رجاء العتيبي
أمر محمود مراجعة أداء الوزارات والدوائر الحكومية الأخرى، وإعادة هيكلتها وتحديد إستراتيجياتها وقياس نتائجها، وتجيء أهمية هذه المراجعة تماهياً مع التحولات العالمية على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري، فما كان يصلح قديماً قد لا يتوافق مع مستجدات العصر, لا سيما أن الأنظمة الإدارية الحكومية - غالباً- لا يطرأ عليها تحديث إلا بعد أمد طويل، لذلك يأتي (نفض) الغبار عنها بمثابة إعادة حياة لها، وبعث صورة جديدة تتوافق مع ثيمات العصر (المجتمع المعرفي، الاقتصاد القائم على المعرفة، ريادة الأعمال، الخصخصة ... إلخ).
جاء برنامج التحول الوطني بمثابة رؤية (خمسية) منبثقة من الخطة الإستراتيجية للدولة، مستندة على الواقع، بعيدة كل البعد عن الكلام الإنشائي والخطب العصماء والعبارات العاطفية التي لا طائل منها، جاء البرنامج مدعوماً من رؤى متخصصين، ويدار بشكل علمي ومنهجي، يعتمد على 551 مؤشر قياس لأداء الدوائر الحكومية، يتناول 17 مكوناً من بينها التعليم، والصحة، والإسكان، والعدالة الاجتماعية، والبنى التحتية.
هنا يكون للرجل الأول في الجهاز الحكومي دور محوري، إما أن يكون قادراً على تحقيق النتائج حسب الأهداف، أو يكون عاجزاً عن تحقيق هدف واحد، وفي كلا الحالين بعد 4 سنوات سيكون ثمة قرار ينتظره، إما الاستمرار أو الإعفاء، وطالما أن ثمة من يقيس أداءه، سيحتم على الرجل الأول في الجهاز الاعتماد على المواهب والمبدعين والمتخصصين والقياديين والنوابغ، ليكونوا له عوناً على إدارة مهمته، فالرهان في ظل برنامج التحول الوطني على القياديين المهرة، وليس على المحسوبيات عندما كان الوضع بدون رقابة فعلية.
برنامج التحول الوطني في وجهه الآخر، أنه ينحاز بصورة أكيدة للمبدعين الذين سيكونون محل اختيار الوزراء، باعتبارهم القادرين على إحداث التحول في الوزارة، وهذا لا يجيده أنصاف الإداريين، والمتكلسين وأصحاب (فطور الصباح) في المكاتب، فإذا كانت الوزارة لا تعج بالقدرات الإدارية المتميزة فإنه سيخسر الرهان، وستأتي النتائج بعد 4 سنوات مخيبة للآمال.
أنت لا تستطيع أن تنافس إلا بقدرات خارقة، مؤثّرة، مبدعة، ولا تستطيع أن تحدث التحول الإداري والاقتصادي المنشود إلا بأسماء غير عادية، وهذا ما تفعله الأنظمة الإدارية في البنوك والشركات الكبيرة، فهي تعرف أن موظفاً (ضعيفاً) سيكبدها خسارة ملايين، بينما موظف (ممتاز) سيكون العائد من أدائه مضاعفاً.
هنا نشد على أيدي أعضاء مجلس الاقتصاد الوطني والتنمية بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ونبارك له ولهم هذه الخطوة الرائدة، التي لاقت ردود أفعال إيجابية، وبثت الحياة في الأجهزة الحكومية، بما يخدم المواطنين ويحقق مبدأ الرفاه ويجعل للمبدعين قيمة في الدوائر الحكومية.