جاسر عبدالعزيز الجاسر
وكأنَّ صحاري إفريقيا والجزيرة العربية قد خلت من الحبارى والطيور التي يطاردها الصيادون، الذين يتلذذون بممارسة صيد هذه الطيور الجميلة، فيطلقوا صقورهم خلفهم في السماء وكلابهم من السلك في الأرض، ويمتطون سيارات الدفع الرباعي وعيونهم ملتصقة بالمناظر (الدربيلات)، لتظل مطاردة مستمرة من أول طلعوع خيوط الشمس حتى غيابها، وفي نهاية اليوم تكون الحصيلة عشرات الطيور المذبوحة، وقد تصل إلى المئات، حيث يتلذذ الصيادون ومرافقوهم بوجبة دسمة عادة تكون حفلة شواء.. مع شوربة لتلك الطيور، أما الباقي فيُترك ليكون طعاماً للضواري.
هذه المرة ترك صيادون من قطر صحاري إفريقيا والجزيرة العربية وتوجهوا إلى صحراء العراق، وبالتحديد جنوب العراق في المثلث الذي يضم محافظات السماوة (المثنى) والديوانية (القادسية) والناصرية (ذي قار)، وهذا المثلث محاذٍ للحدود السعودية - العراقية، وهو مرتع لطيور الحبارى إلا أنه يفتقد للأمن، فهو يخضع للمليشيات الطائفية وعصابات تهريب المخدرات التي تسلك طريقاً يبدأ من إيران ويقطع الأراضي العراقية من البصرة أو العمارة ماراً بالناصرية، وعبر منافذ السماوة يتجه إلى الأراضي السعودية حيث يقبض سلاح الحدود السعودي العشرات من المهربين الذين يعملون في إدخال تلك السموم إلى الأراضي السعودية.
الصيادون من هواة ومحبي رياضة (القنص) في دولة قطر اختاروا هذه المنطقة الخطرة لممارسة هوايتهم، فتوجهوا إلى السفارة العراقية في الدوحة وحصلوا على التأشيرات التي تسمح لهم بدخول الأراضي العراقية، وعند وصولهم إلى الموقع المختار الذي حددوه مع أولادهم وبعضهم من دولة الكويت ومعهم مساعدون من العمالة الآسيوية عمالاً وطباخين أقاموا خيمهم في الصحراء في محافظة السماوة (المثنى)، وكانوا يتهيؤون للقيام بأولى (غزوات الصيد) عندما لمحتهم الدوريات الجوالة التابعة للمليشيات والعصابات العاملة في تلك المنطقة، فوجدوا في المخيم القطري صيداً دسماً يزيد دسمه على دسم لحم الحبارى، فأبلغوا جماعتهم، وما هي إلا ساعات حتى أطبقت فرق من المليشيات على المخيم بعد أن حضروا على متن سيارة رسمية عراقية، بعضهم يقول إنهم استولوا عليها بصورة غير قانونية، وبعضهم الآخر يؤكد بأنها من الآليات التي ذودت بها الدولة أفراد تلك المليشيات حتى تؤدي عملها ضمن تشكيلات ما يُسمى بالحشد الشعبي أو لدعم الأفرع المسلحة للأحزاب الطائفية المشكلة للحكومة.
الروايات تقول إن الذين اسطادوا الصيادين القطريين أتوا من محافظة ذي قار (الناصرية)، وأنهم يتبعون إلى أحد تنظيمين رئيسين من تنظيمات الحشد الشعبي، ويشيرون بأصابع الاتهام إلى منظمة بدر التي يقودها هادي العامري أو تنظيم أنصار الحق، وهذان التنظيمان لهما حضور قوي في محافظة الناصرية، وقد قامت قيادتا هاتين التنظيمين بوسطات أدت إلى إطلاق تسعة من الكويتيين الذين كانوا ضمن المختطَفين، فيما لا يزال المواطنون القطريون والآسيويون المرافقون لهم تحت أسر الإرهابيين الذين نقلوهم إلى منطقة جرف الصخر، وهي منطقة قريبة من بغداد تحت سيطرة الحشد الشعبي.
ممثل السيستاني يقول إن حادثة الخطف عمل سياسي، ومع أنه لم يحدد الجهة التي تقف وراء هذه الجريمة إلا أن العراقيين والقطريين وجميع الخليجيين يعرفون أن الجهات التي أعطت أوامرها لتنفيذ هذه العملية تهدف إلى إبعاد العرب وبالذات الخيلجيين عن العراق، فكل خليجي معرض للاصطياد حتى وإن قدم للعراق بتأشيرة زيارة أو استثمار، فالذين يعملون فيما يُسمى بالحشد الشعبي يعملون على تحويل العراق إلى ولاية فارسية تحت عمامة ولي الفقيه الإيراني.