جاسر عبدالعزيز الجاسر
مع تمدد المسافة الزمنية للأزمة السورية، بدأت المتغيرات تتفاعل وتقدم لنا كل يوم جديداً، آخر هذه المتغيرات الجديدة، طفو الخلافات الروسية الإيرانية على السطح السوري، فقد كشفت تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري، عن وجود خلافات بين موسكو وطهران ليس فقط حول مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، بل إن هناك عدم تطابق بين موقف روسيا ونظام ملالي طهران حول دور حزب الله اللبناني والمليشيات الطائفية القادمة من العراق وأفغانستان وباكستان.
صحيح أنه بعد التدخل الروسي العسكري في العمليات العسكرية في سوريا بمواجهة الإرهاب كما يقول الروس، إلا أن هناك شبه توافق بين موسكو وطهران أن تبقى السيطرة على الأرض لإيران وحلفائها الطائفيين، والسماء لروسيا حيث تبسط مقاتلاتها سيطرتها على الأجواء السورية.
طبعاً روسيا كدولة كبرى لها مصالحها ونظرتها الإستراتيجية التي لا يمكن أن تقبل بأن تكون مطية لتنفيذ أجندات النظام الإيراني الذي يسعى إلى تحقيق أطماع عرقية عبر أردية طائفية، والسلوك الإيراني وإن حاول الاستفادة من علاقته مع روسيا والادعاء بأنه يرتبط مع موسكو في تحالف إستراتيجي، إلا أن للروس نظرتهم وتوجهاتهم ومصالحهم، فهم وإن وجدوا في الوجود الإيراني في سوريا وحتى في العراق ممراً للإبقاء بل وحتى إلى تعظيم مصالحهم في البلدين العربيين في المنطقة العربية لا يمكن أن يكونوا عوناً للنظام الإيراني في السيطرة على بلدان عربية وفق نهج أيديولوجي يتعارض تماماً مع السياسة الروسية التي لا يمكن لها أن تقايض علاقاتها مع الدول العربية وما تمتلكه من موارد وتحفل بها من مصالح اقتصادية وإستراتيجية مقابل علاقة مع نظام هو في النهاية يزاحمها على النفوذ في الدول العربية التي اختطفها كسوريا ولبنان والعراق، ولهذا فإن العلاقة بين البلدين لا بد وأن تصطدم مع بعضها البعض، وهو ما بدأ بظهور إشارات له في سوريا بعد أن قلص الدور العسكري الروسي النفوذ الإيراني إلى حد كبير وجعله ثانوياً وبمسافات بعد الدور الروسي الذي يكاد يكون الممثل للنظام السوري في الاجتماعات والمباحثات التي تعقد في أكثر من محفل دولي لتحديد مستقبل سوريا.
وقد تجلى التباعد والخلافات بين موسكو وطهران في مسألتين؛ واحدة أمنية سياسية تمثّلت في قيام الطيران الإسرائيلي الحربي بتدمير بناية في إحدى ضواحي دمشق وقتل في وضح النهار في استهداف مباشر لأحد قادة حزب الله اللبناني الذراع الإرهابية لنظام ملالي إيران، وبمعيته عدد من كبار الضباط الإيرانيين، إذ كان بمعية سمير القنطار الذي استهدفته إسرائيل، أحد كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين الذين كانوا قد رفضوا قيام قائد العمليات العسكرية الروسية في سورية، الذي رغب في زيارة المركز المخصص لعمليات التدريب، وبعد هذا الرفض قتل المسؤول الإيراني في الإغارة على مقر سكناه مع سمير البيطار.
أيضاً يتداول المراقبون العسكريون سقوط عدد كبير من الضباط الإيرانيين بينهم من يحمل رتباً عسكرية عليا بقصف روسي بذريعة الخطأ لموقع منذ أيام في محافظة حمص.