جاسر عبدالعزيز الجاسر
في تقليد برلماني عتيد تبدأ أعمال مجالس الشورى والنواب السنوية في جميع الدول التي لديها مجالس دستورية مماثلة خطاب من قائد الدولة - ملكاً أو رئيساً أو رئيس حكومة -.
في الدول الملكية يُطلق عليه خطاب الملك، وبالدول الرئاسية يُسمى خطاب الدولة كون الرئيس يُمثّل الدولة، وفي كلا الخطابين يتضمن المحتوى السياسة الداخلية والخارجية، ويُفعّل سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، وما تتخذه من تحسين الأوضاع في قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية وتوسيع فرص العمل للمواطنين ودفع التنمية المستدامة، والمملكة العربية السعودية منذ تفعيل دور مجلس الشورى منذ أكثر من عقدين ونصف العقد، أصبح المواطنون يترقبون الخطاب الملكي في بداية أعمال مجلس الشورى في سنته الجديدة، لما يحمله من إشارات يُقاس من خلالها الوضع العام للمملكة داخلياً وخارجياً، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وأمنياً ودفاعياً.
هذا العام، وفي بداية أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى، يخاطب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مجلس الشورى، وهي المرة الأولى بعد تسلُّمه الحكم الذي شهد وفي فترة وجيزة الكثير من الإصلاحات البنيوية لتحسين إدارة الدولة وتفعيل عمل الوزارات والمؤسسات والأجهزة المرتبطة بها، إذ شهد العام الأول لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إطلاق العديد من برامج التطوير والتنمية التي تنطلق من ثوابت المملكة والمجتمع السعودي الدينية والقيم الاجتماعية الراسخة في هذا المجتمع المتمسك بأصالته العربية وقيمه الإسلامية والتي تحفظ الحقوق وتحدد الواجبات التي ترسم للجميع أدوارهم، وتعزز مكتسباتهم مما شجّع الدولة على مواصلة تفعيل البرامج وإصلاحها في جوانب التنمية السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، وهو إلى تفعيل عمل الإدارات الحكومية بإعادة هيكلة أجهزة مجلس الوزراء ما استتبع ذلك في إلغاء العديد من المجالس والهيئات واللجان، ونقل اختصاصاتها إلى كل من مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو ما سيؤدي حتماً إلى تركيز الجهود والقضاء على بيروقراطية اللجان وتقليص الاجتماعات، مما سيفعّل العمل ويعجّل باتخاذ القرارات وتسريع الإنجازات وتوسيع النظرة الشمولية للقرار من خلال المشاركة لجميع الأطراف ذات العلاقة، مما سيُؤدي إلى تعزيز مسيرة التنمية والوصول إلى تكامل الأدوار وتحديد المسؤوليات والاختصاصات ومواكبة التطورات وتحسين بيئة العمل وتقوية أجهزة الدولة، وهو ما لاحظه المواطن، فبعد تشكيل المجلسين صدرت العديد من القرارات لتحقيق الهدف المنشود الذي يسعى إليه خادم الحرمين الشريفين الذي وجّه بإنشاء هذين المجلسين، لتحقيق ما يُنادي به - حفظه الله - بأن الإنسان السعودي هو هدف التنمية الأول.. وقد عكست هذه الإصلاحات فلسفة خادم الحرمين الشريفين بتفعيل عمل كل المؤسسات في المملكة من دستورية كمجلس الشورى ومجلس الوزراء وأجهزة الدول، فلاحظ المواطن إنجازات عديدة، ومنها ما حققه مجلس الشورى الذي درس واقترح وقدم العديد من التوصيات والاقتراحات ومشاريع القرارات، ومنها مشروع قرار رسوم الأراضي البيضاء الذي توّج عملاً مثمراً للمجلس الذي حفل بالكثير من العمل.
وبما أن السنة الرابعة من عمر الدورة السادسة للمجلس والتي تُعد السنة الأخيرة من عمر هذه الدورة، فإن القيادة والمواطنون يتوقعون عملاً أكثر إنجازاً وكثافة حتى يختتم الأعضاء دورتهم السادسة بإنجازات تكون معززة لدورهم الهام في النهوض ببلادهم التي ينتظر منها العرب والمسلمون الكثير.. وأمس أعطى قائد التنمية ورائد الإصلاح التنموي سلمان بن عبد العزيز إشارة بدء عام حافل نأمل أن يُكلل بالنجاح.