عبد الرحمن بن محمد السدحان
هتَفتْ نفسي مرةً من ذات عام ترحب بـ(غيمة) السلام القادمة إلى منطقة الشرق الأوسط المغلوبة على أمرها ، بمناسبة مؤتمر السلام في مدريد: ظننتُ يومئذٍ أن المؤتمر سيُمطرنا (غيثاً) ينقلنا جميعاً من بيداء الحرب والقهر والضياع إلى واحة الحق والعدل والسلام !
* * *
- ولقد علّمتني الأيام التي تلتْ مدريد أن أكونَ حذراً رغم تفاؤلي، ومتحفظاً رغم ثقتي، وشاكّاً رغم يقيني! واليوم.. أكتبُ من جديد عن الحدث الذي (كان) وما يمكن أن يكون من أمر ذلك السلام الموعود فأقول:
- مسكين السلام في الشرق الأوسط : الذين لا يستطيعون صنعَه، يتحرّقوُن شوقاً إليه، والذين يستطيعون صنعَه، تخورُ عزائمُهم خوفاً منه أو خوفاً عليه، فكيف السبيل إليه؟!
* * *
- العربُ ، ومعهم الفلسطينيوّن، أعطوا الكثير من أجل السلام، وتنازلوا عن الكثير فـي سبيله ، وغضُّوا الطرف عن الكثير خدمةً له!
- أمّا الإسرائيليّون ، فلم يعطُوا السلام سوى النزر القليل! ضنُّوا بالكثير من أجله، ونثروا في طريقه الأشواك إمّا تحايلاً أو تحفظاً أو خُبْثأً، وأمسى وعدُ الأمس (وعيداً)!!
* **
- مساكين نحن العرب ، لأن نزيف الجرح الفلسطيني بات أعظمَ من قدرتنا على احتماله، وأقسَى من حجم تضحيتنا ونضالنا من أجله، ورغم ذلك لم نَحزْ من الأزر ما ينسينا قَهْرَ الجرح ، ومرارةَ الصدّ لنا.. بحثاً عن السلام!
* * *
- مساكين نحن العرب.. لأننا رغم فداحة الحِمْل، وعبء السنين، لم نزل عاجزين عن بلوغ السلام الذي نريده ، لا الذي يُراد لنا ، لم نزل نعاني عقدة (قُصيْر) الذي لا يطاع له أمرٌ ولا نهي.
- وفي الوقت الذي يُعربد فيه مستوطنو إسرائيل وجنودُها وقيادتها المدللة، تحت سمع العالم وبصره! الكلّ خارج هذه المنطقة يتفرج بين مشفقٍ علينا أو رافضٍ لنا، أو شامتٍ بنا!
* * *
- مساكين نحن العرب : كَمّ باسمك أيها السلام أرقنا الحياءَ، وفي سبيلك بلعنا الكبرياء، ومن أجلك صارعنا الخطوب، ورغم ذلك تظل أنتَ القريبَ منا البعيد، تبقى أنت لنا أملاً يحجبه السراب! وأخشى أن نمضيَ نراهنُ الزمنَ من أجلك، وفي سبيلك على ما بقى لنا من كرامة وأمل وصبر ، فلا ندرك شيئاً، ثم نقفُ يوماً في ساحة اليأس نصرخ بكل جوانحنا : على السلام .. السلام!