عبد الرحمن بن محمد السدحان
* يتعرض المسلمون عشوائياً في هذا الكوكب الحزين للحكم عليهم وعلى دينهم بما يكرهون، استدلالاً بما تفعله القلة منهم، في هذا المكان أو ذاك، واقترنت هويتهم في بعض الأذهان، شرقية وغربية بنعوت غير حميدة، مثل الإرهاب وسفك الدماء، والرغبة في التقوقع حضارياً داخل أسوار الماضي!
* وحديثاً، باتَتْ قضية ما يعرف بالإرهاب (المؤسلم) الشُّغلَ الشاغلَ لكثيرٍ من المراقبِين والمحلَّلِين، ناهيك عن الأفرادِ العادييّن في غرب القارة الأرضية وشرقها، وظَهَر في الأوسَاطِ الأكاَديميةِ مَنْ يُحذَّرُ ويُنذرُ ضدَّ خطر الصَّدَام الحضاريّ مع المسلمين في أرجاء الأرض!
* إذن، فالمسلمون، كغيرهم، يحُاكَمَون عشوائياً، ويُدانُون غيابياً من لدن الآخرين، مستهدين في ذلك ببعض السلوكيات والممارسات ممّا لا يقّره شرعٌ، ولا تصونه أخلاق، المسلمون أنفسهم، قبل غيرهم، ينكرون هذه الممارسات غير المسؤولة في بعض البلدان ذات الهوية الإسلامية، خصوصاً تلك التي تقع فيها أحداث يذهب ضحيتها أبرياء من النساء والرجال والأطفال، تارةً باسم (الجهاد) ضد (قوى الشيطان) وتارة أخرى، لتحقيق السطوة بقبضة الحديد وضرب الأعناق!
* ولا ريب أن أفعالاً كهذه لها من المساوئ ما لا ينكره أحد، لأنها تؤاخذ الكثرة بما تفعله القلة من المسلمين، ولأنها في خاتمة المطاف، ترسم صورة غير حميدة عن الإسلام الحنيف، الذي جعله الله خاتمة الأديان، وجعل فيه من المبادئ والمثل العليا ما يزْكُو الإنسان وبها يسمو، لأنه صيغة حياة، معاشاً ومعاداً، وليس طقُوساً مفرّغةً من مضامين الوجود، بما فيه ومَنُ فيه!
* أمام هذا الأمر كله، ليس غريباً أن تظهر في بعض أوساط الغرب دعوات أو نزعاتٌ ضد الإسلام، ديناً وكتاباً وأتبْاعاً، فهي في تقديري (ردودُ فعلٍ) بعضها مُفتعل إلى حّد الغلوَّ، والبعض الآخر تسيّره فطرة (الدفاع عن النفس) أمام التيار الذي يصنف المسلمين ودينهّم افتراءً وظلماً بالعَدَاء لمنجزاتِ الإنسان الحديث.. مما ينْفعُ ولا يضر!
* وهناك إشكال في الاتجاه المعاكس، يتمثّل في تصوّر بعض المسلمين غلواً أن ظاهرة (ردة الفعل) المشار إليها قد آلت إلى (مؤامرة) تستهدف الإسلام والمسلمين.. في كل مكان، ومع أن المسلم العاقل لا يستطيع أن ينكر وجود من يضمر إو يظهر له ولدينه كرهاً، إلا أنه في الوقت نفسه، يرفض أن (يعمم) فكرة (المؤامرة) تلك، فيجعل منها (شماعة) يحمّلها أوزارَه وعثراتِه، حيثما كانت، ويرسم من خلالها وصفات (الاعتذار) الجاهزة لتلك الأوزار تبريراً أو تمريراً!
* وفي كل الأحوال يبقى الإسلام عقيدة خالدة جعلها الله ملاذاً للناس وأمناً، أما ما يقترفه بعض المسلمين من أوزار وما يعانونه من عثرات في تنمية بلدانهم، فتلك مسئوليتهم وحدهم!