عبد الرحمن بن محمد السدحان
(1)
«يؤْرّقني ألاّ يستيقظَ هاجسُ العشق للوطن والانتماء إليه لدى البعض منا، والشباب خاصة، إلاّ في ملاعب كرة القدم.. أو في الشوارع والطرقات والساحات ابتهاجاً بنصر هذا الفريق أو احتجاجاً على هزيمة ذاك!
***
«بودّي أن أذكّر هؤلاء ونفسي، أن الوطنَ ليس (ساحة كرم قدم)، بل شعلة من الحب والولاء تسكن وجدانَ كلَّ منا كل الأوقات، فلا يجوز أن نعبث بما منحنا إياه هذا الوطن، من منقول وثابت، ولا بما يرمز إليه هذا الوطن من معان وقيم يشترك في صياغتها دينُنا الحنيفُ، وتاريخنا التليد، وهويتنا الحضارية والإنسانية!
***
(2)
يؤرّقني ما يمارسه عملاء الظلم والظلام تحت عباءة (الإرهاب) في أكثر من مكان من عالمنا الثالث المرزوء بداء الخُلْفِ والتخلّف، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً! ألم يعلموا أن سفك دم المرء حرام.. وأن ترويع البريء حرام، وأن تدمير الممتلكات حرام، ولن يكون لما يفعلون غاية إصلاح ولا وسيلة مصلحين، الإصلاح الذي ترومه الضمائر الطاهرة لا يتأتّى إلاّ بالنية الصادقة، والكلمة الناضجة، والفعل السويّ، وما عدا ذلك.. فعبثٌ أوله فتنة وأوسطه نقمة وآخره دمار للأنفس والديار!
***
(3)
«يؤرّقني غياب (المعارك الأدبية) السوية، غايةً ووسيلةً، في صحفنا ودورياتنا، لماذا؟
«هناك أسبابٌ عديدة قد (تعللّ) هذا الغيابَ، منها:
«أن بعض تلك المعارك التي يخوضها بعضُ (محترفي) الكلام في بلادنا تبدأ في الغالب عاقلة، ثم تتحول إلى شحنة مسكونة بالغضب والغضب المضاد! كل يحلم (بالضربة القاضية) لصالحه!
***
«وأزعم أن هذا ليس أدباً، ولا من الأدب في شيء، لكنه شجار (سادي) يؤْذي كرامةَ الحرف، ويجرح وجدان المرسل والمتلقي معاً!
«ورغم قناعتي بضرورة (المعارك الأدبية) كرافد إثراء لحراكنا الفكري، قالباً ومضموناً، إلاّ أنّ البعضَ يسيءُ فهمَ هذه (المعارك) حين يحاول أن يحسم نهايتَها لصالحه، قبل أن يبدأ الحوار مع الآخر، فإذا قرأ أو سمع ما ينكره، انتشت في أعماقه (حمّى القبيلة) وشحذ كل سلاح دفاعاً عن (الشرف الرفيع) ثم تقع الواقعة! والضحية في هذا الحال أثنان: الحقيقةُ التي ظَلَّ سبيلهَا الخصمان، والقارئُ الذي يصْلى نارَ غيابها!
***
(4)
«كلمة قبل الوداع: الحظُّ جواد يطيعك حيناً فيخدمك، ويتمرد عليك حيناً آخر فيخذلك! وتعليقاً على ذلك أقول إن الحظ قد خدمني مرات.. وخذلني مرات.. وتفرَّقت بنا السبل مرات، وذلك أمر مألوف، في أغلب سِيَر البشر، غير أنني أتمنَّى ألاَّ أربَط نجَاحي بـ(قطار الحظ) ثم ألومُ نفسي إذا رحَل بدوني، لأن ذلك قد يقود إلى شيء من التواكل في العزم، والعشوائية في الأداء، والقصور في تقدير النتائج، ثم القنوط والعياذ بالله، والذين يتلمّسُون مسارات حياتهم اهتداء بـ(بوصلة) الحظ هم في نظري أقلُّ حظاً.. وأكثر شقاءً من سواهم في أدراك النجاح!