جاسر عبدالعزيز الجاسر
مع أن الذين حضروا مؤتمر دعم سوريا الذي عُقد في مقر منظمة الأمم المتحدة، وعززه قرار مجلس الأمن الدولي الذي تم بالإجماع، وتضمن وَقفاً لإطلاق النار ومباشرة مفاوضات بين نظام بشار الأسد والمعارضة الوطنية السورية مع مطلع شهر يناير - كانون الثاني في بداية عام 2016، إلا أن من حضروا الاجتماع عانوا كثيراً من محاولات إيران عرقلة الإجماع الدولي بممارسة السلوك نفسه الذي ينتهجه ممثلو نظام ملالي إيران في أي مباحثات يشاركون فيها، والذي دربوا عملاءهم عليه سواء في لبنان أو في اليمن وحتى في العراق.
المؤتمر الدولي لدعم سوريا وضعت أسسه بعد اجتماعات عدة آخرها كان في فيينا، ولأن إيران كانت بعيدة عن تلك الجلسات فقد سارت المباحثات بسلاسة رغم مناكفات لافروف واعتراضات كيري، إلا أن القوى الكبرى وبالذات أمريكا وروسيا توصلت إلى وضع خطة عبارة عن خارطة طريق يتم تنفيذها على مراحل، ووُزعت الأدوار على الدول التي تعمل فعلاً على وضع حل للأزمة السورية التي يعاني منها الشعب السوري التي اقتربت ضحاياها من نصف مليون لقوا حتفهم، أكثرهم على يد قوات نظام بشار الأسد وحلفائه من الإيرانيين والطائفيين.
من بين المهام التي يجب أن تُنجز لتنفيذ مسارات خارطة الطريق الاتفاق على تكوين وفد موحَّد للمعارضة السورية الوطنية، وهو ما تم إنجازه في الرياض، حيث توصل السوريون إلى تشكيل موحد لقوى الثورة والمعارضة السورية، ضمَّ خليطاً من السياسيين المستقلين وممثلي المقاتلين والفصائل السياسية من قوميين وإسلاميين، وأصبح لهذا الجسم السياسي العسكري كيان له منسق ولجنة عليا، ويعد الأكثر تمثيلاً للسوريين الذين عارضوا نظام الأسد، وقد اعتمدت جميع الدول قائمة المعارضة السورية سوى دولتين هما إيران وللأسف روسيا التي لا تريد الابتعاد عن نظام طائفي وعنصري يحاول استغلال روسيا لتحقيق مآربه على حساب مصالح روسيا في المنطقة. وبعد إنجاز مهمة تكوين وفد المعارضة السورية الذي سيشارك في مفاوضات مستقبل سوريا وفق البرنامج الزمني، إذ لا يمكن أن تجدي المعارضة الإيرانية من تشكيل الوفد السوري لهذه المعارضة الوطنية رغم محاولاتها جرّ روسيا إلى تبني هذا الموقف الخاسر، وهو الأمر نفسه الذي تريد توريط روسيا فيه والمتعلق بتصنيف المنظمات الإرهابية التي تعمل على الأرض السورية والتي كلف مؤتمر فيينا المملكة الأردنية الهاشمية بوضع القائمة الأولية لهذه التنظيمات، وقد أدت عمان ما هو مطلوب منها حيث قدمت قائمة ضمت 167 فصيلاً ومنظمة بحسب ما وصلت من معلومات إلى العاصمة الأردنية من الدول التي أرسلت قوائمها، وكانت بينها فيلق القدس الذي يقود وينسق الأعمال الإرهابية خارج إيران، وحزب الله اللبناني، إضافة طبعاً إلى تنظيم داعش وجبهة النصرة، وهنا ثارت ثائرة الوفد الإيراني الذي اعترض على إدراج الفصائل والمنظمات الإرهابية المرتبطة به وفيها فيلق القدس وحزب الله ومنظمة بدر الإرهابية وألوية أبو الفضل العباسي والزينبيون والفاطميون، وجميعها منظمات إرهابية شَكَّلَها ودَرَّبها فيلق القدس.
ووفق الأساليب التي يتبعها الإيرانيون لتمديد زمن المفاوضات بهدف كسب الوقت باعتقادهم أن التدخل الروسي في سوريا سيفرض واقعاً جديداً يجبر معارضي النظام على القبول بما يُعرض عليهم، والذي سيُبقي نظام بشار الأسد ويثبِّت وجود المنظمات الإرهابية المرتبطة بالإيرانيين كحزب الله اللبناني وألوية فيلق القدس من الزينبيين والفاطميين وأبو الفضل العباسي المستقدمين من العراق وباكستان وإفغانستان.
محاولات منح البراءة لفيلق القدس وألويته الطائفية وحزب الله لا تجدي نفعاً، فما تضمنته القائمة الأردنية كرر ما أدرجته الدول الكبرى كأمريكا والاتحاد الأوروبي والدول الإقليمية المهمة، إذ إن قوائم الإرهاب الأمريكية والأوروبية والعربية تتصدرها الجماعات الإرهابية المرتبطة بإيران كفيلق القدس وحزب الله وألويته الطائفية في سوريا ومنظمات بدر وفروع حزب الله في العراق ودول الخليج والحوثيين، وجميعهم لهم مقاتلون يحاربون الشعب السوري، شأنهم مثل شأن تنظيم داعش والقاعدة وجبهة النصرة، وهم في بوتقة واحدة نيرانها الحقد والشر لكل ما هو إنسان.