جاسر عبدالعزيز الجاسر
قبل أن يتوجه الوفدان المفاوضان اليمنيان إلى جنيف لبدء ما أطلق عليه محادثات السلام اليمنية كان اليمنيون متأكدين من عدم جدوى مثل هذه المحادثات التي لا يهدف منها الانقلابيون من الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح سوى كسب الوقت، وابتزاز المجتمع الدولي؛ ممثلاً بالأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن، فوفد الانقلابيين والذي يحاول استثمار المعاناة الإنسانية التي تحاصر محافظة تعز التي تتعرض لتجويع بعد أن منعت عصابات الانقلابيين من الحوثيين وأنصار المخلوع من وصول المساعدات الغذائية التي أرسلت إلى المحافظة المنكوبة، وبدلاً من أن توزع على المحتاجين استولت عصابات الانقلابيين عليها وباعتها في السوق السوداء.
وقد وضح هدف الانقلابيين من وراء إحكام الحصار وتجويع محافظة تعز؛ فقد طالب وفد الانقلابيين بمقايضة رفع الحصار عن المحافظة المنكوبة مقابل أن ترفع قوات التحالف العربي الحصار المفروض على الموانئ والمطارات التي لا تزال بحوزة الانقلابيين حتى يتسنى لهم استقبال الأسلحة التي يرسلها نظام ملالي إيران.
مقايضة ظالمة عنوانها «الغذاء مقابل السلاح»، وطبعاً لا يمكن لقوات التحالف العربي ولا وفد الشرعية اليمنية أن يقبل به، فوصول الأسلحة الإيرانية معناه مزيداً من الضحايا اليمنيين ومسؤولية فك الحصار عن محافظة تعز مسؤولية الأمم المتحدة التي تعرض وفدها إلى إهانات كبيرة وتعدٍ لفظي وصل إلى مستوى فسق القول من قبل مدير مكتب مرشد الحوثيين عبدالملك الحوثي المدعو المشاط الذي هدد ولد الشيخ والأمم المتحدة مذكراً بأن مكاتب المنظمة الدولية في صنعاء في متناول أيديهم.
محادثات ما يسمى بالسلام في اليمن اختتمت يوم الأحد الماضي على أمل أن تستأنف في الرابع عشر من الشهر القادم، ولم يتمخض عن هذه المحادثات أي شيء يذكر في خصوص رفع الحصار عن محافظة تعز، والتي تنتظر أن يتم تحريرها على يد قوات الشرعية اليمنية المؤلفة من قوات الجيش الوطني اليمني الذي بدأ يتعافى بعد انضمام دفعات جديدة له تم تدريبها من قبل القوات السعودية والإماراتية، وبمشاركة فعالة من المقاومة الوطنية الشعبية ومساندة قوات التحالف العربي التي اقتربت كثيراً من تعز بعد السيطرة على الطريق الذي يربط ميناء المخا ومحافظتي الحديدة وتعز، ويعتقد كثير من المتابعين لما يجري في اليمن أنه قد يحل الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني موعد استئناف المحادثات، وتكون تعز والحديدة قد انضمتا إلى محافظات مأرب والجوف وحجة التي أصبحت تحت سيطرة قوات الشرعية اليمنية، والتي اقتربت كثيراً من العاصمة صنعاء والتي أصبح بعض من مديرياتها في حوزة قوات الحكومة الشرعية بدءاً من مديرية نهم، وبعد تحرير نقطتي الحجر والمشاف على الطريق الواصل بين صنعاء ومأرب والجوف، وهذا المثلث الذي يعد المدخل الاستراتيجي للسيطرة على العاصمة صنعاء أكمل الطوق الإستراتيجي الذي فرضته قوات الشرعية على النطاق الجغرافي لصنعاء بعد سيطرتها على جبل اللول الإستراتيجي في فرضة نهم، والذي تم بعد السيطرة على مرتفعات جبل صلب الذي يبعد قرابة 60 كيلو مترا عن العاصمة صنعاء. ويرى كثير من المراقبين العسكريين أن قرب استيلاء قوات الشرعية على معسكر بيت بهرة ومعسكر الحرس الجمهوري في نهم، واستعادة قوات الحكومة على نقطتي الحجر والمشاف بعد أن أصبح مثلث صنعاء- مأرب - الجوف تحت سيطرتها، وبعد الاستيلاء على مديرية الحزم مركز محافظة الجوف، أصبحت كل الطرق سالكة نحو العاصمة صنعاء الذي يظل موعد تحريرها يخضع لقرار الرئيس هادي وحكومته، إذ إنه ورغم أن كل مقومات النصر متوافرة وتؤكد إمكانية تحرير العاصمة صنعاء، إلا أن هناك تخوفاً من ارتفاع عدد الضحايا بعد أن حول الانقلابيون الأطفال والمدنيين إلى دروع بشرية.