رجاء العتيبي
يعوّل المثقفون والفنانون الكثير من معالي وزير الثقافة والإعلام د. عادل الطريفي بعد سنوات من الركود الثقافي والفني الطويل نسبياً، فلا مجال للتجارب والرؤى والأفكار بقدر ما يتطلعون إلى فعل / عمل / واقع, يمثّل (قيمة منتظرة) لديهم، لا مجال للبحث والنقاش واللقاءات، ولا مجال لهدر الوقت والجهد والمال.
(القيم المنتظرة) معروفة، يكفي عدد من الجلسات ليتشكل لدى متخذ القرار كل ما يمكن فعله بهذا الشأن، فكل ما هنالك ميزانية وقادة وتنفيذ، والنتائج ستكون بحسب قوة المدخلات، إن كانت قوية تميزت النتائج، وإن كانت ضعيفة تراجعت النتائج.
والميزانية ليست بالضرورة أن تكون دعماً حكومياً مباشراً، وإنما يمكن أن يدخل القطاع الخاص شريكاً في الفعل الثقافي والفني وفقاً لأدبيات الاستثمار البحتة، وليس لأساليب (الرعاية) التي لم تعد صالحة في هذا الوقت الذي بات فيه النفط بـ 50 دولاراً.
وهناك مبررات لا حصر لها في الاستثمار في الثقافة والفنون، منها أن هذا النوع من النشاط يمثّل (قوة ناعمة) لا يُستهان بها في الملمات والخطوب، واستثمار رجال الأعمال في أنشطتها يمثّل دعماً للدولة وتعزيزاً لمكانتها، لأن رجال الثقافة والفن والإعلام لا يقلون أهمية عن الجنود المرابطين على الحدود كمسلَّمة معروفة.
مبرر آخر يتعلّق باقتصاد المعرفة الذي (يستثمر) في الإبداع والذكاء والمعلومات ما يمهد لإيجاد (صيغ مؤسساتية) جديدة للثقافة والفنون تعمل على هذا الجانب، بدلاً من الكيانات الثقافية الكبرى التي لم تعد قادرة على التواصل مع العصر لفرط الروتين المنتشر في شتى جسدها.
الصراع اليوم ليس بين قوى عسكرية، ولكن الصراع بين من يعرفون ومن لا يعرفون، ومن يمتلك اقتصاد المعرفة مهيأ لأن ينتصر، أكثر من الذي ما زال يشتغل وفقاً لمكونات الإنتاج التقليدي (الأرض، العمال، رأس المال).
التحدي الذي يواجهنا اليوم ويؤخر انطلاق الاستثمار في الثقافة والفنون هي القيادات التقليدية في جميع مستويات الإدارة (عليا، وسطى، دنيا)، ذلك أن حل المشكلة لا يتم بنفس (العقول التي أوجدتها)، وعمل الإستراتيجية المتبعة يعطيك النتيجة نفسها، ما يجعلنا نطمح في عقول جديدة، وإستراتيجيات جديدة، وفعل جديد، وصيغ مؤسساتية جديدة.