أمل بنت فهد
بعض الأمور تبقى عصية على الحل والإصلاح كأنها لغز غريب لا يمكن فك طلاسمه.. وفي كل مرة تُسلم دفة القيادة لقائد جديد تزداد التعقيدات أكثر وأكثر.. كأن الحل بات هارباً لا يمكن الوصول إليه.. إحباط تعقبه خيبة.. كلما تربع على كرسي القيادة رجل ما.. حتى باتت متلازمة القائد الجديد تفتك بالأحلام قبل أن يجلس القائد على كرسيه ويمارس مهامه.
لا شك أن المنصب هم وكدر وتحد يعرفه من اعتقد أنه مكسب قبل الوصول بخطوة.. لكن سرعان ما تهده وتشل أفكاره الأوضاع المتردية التي هو بصدد إصلاحها.. فما بين ترميم الواقع.. ودفع ثمن أخطاء الماضي.. لا مكان للمستقبل البتة.. كان يقول لي أحد «غريبي الأطوار» إن أي وضع مترد يحتاج نصف عمر التردي ليستطيع أن يقومه ويصلحه فعلاً.. مع تحفظي على رأيه إن صدق تحليله.. كم عمراً نحتاج لنؤمن أننا نستطيع؟!.
متلازمة القائد الجديد تنحصر في إصراره على البداية من الصفر.. وتكرار الأخطاء.. والدخول على المكان على أنه حقل تجارب.. رغم أن كل من جاء قبله سقط في نفس الفخ.. لذا يبقى المكان في نفس الموقع إذا لم يتراجع ويتعثر.. وإذا انتهت مدة خدمته.. نجد الحصيلة صفراً مع مرتبة الخسارة.. إنه يتبع سياسة التجارب الشخصية التي لا تخضع لمبدأ أخذ العبرة من الآخر حتى يجرب الإنسان بنفسه ليحدد رأيه الشخصي.. إنه خلط كارثي بين مفهوم التجارب الشخصية والتجارب المهنية والمجتمعية والجماهيرية.
ولكل قائد جديد.. صغرت منشأته أم كبرت.. كثرت مسئولياته أم قلت.. أقول:
الذكاء كل الذكاء القيادي يكمن في محاكاة التجارب الناجحة.. شيء بسيط اسمه تبادل الخبرات مع من سبقك في مجالك.. نعم خذ تجربته بتفاصيلها وافهمها وطبقها.. ابدأ من حيث توقف النجاح.. لا تحاول أن تتحدى خطوات النجاح أو تراجعها كأنك مصحح الكون.. لديك كل المعطيات التي تثبت نجاح تجربة مثل تجربتك.. من أين تبدأ وأين تنتهي وكيف تفعلها.. لماذا تغض الطرف عنها وتصر على البداية من الأماكن المهجورة التي أثبتت أنها غير صالحة للعيش الآدمي؟.
في التعليم.. في الصحة.. في البطالة.. في السكن ....إلخ يوجد نماذج نجحت نجاحاً منقطع النظير.. في دول قريبة وبعيدة.. أين الضرر من أخذ نسخة متكاملة وتفعيلها على أرضك وموقعك؟.
حتى في المشاريع الخاصة يمكنك أن تفعلها.. وتقفز سنوات من الأخطاء والعراقيل والتكرار.. حتى وإن لم تنجح تلك التجربة يمكنك أن تتبنى غيرها.. على أقل تقدير ستكون حاولت في المكان الصحيح وبالأدوات الصحيحة.
يمكنك ترك ملفاتك القديمة مغلقة لحين إعادة تجربة سبق ونجحت في مكان ما.. لكن العمل على نفس المنهج الذي أثبت فشله.. خطوة لن أقول ساذجة فقط.. فهي أكثر من ذلك.
المعلومات قوة ومتاحة للجميع.. لذا تأنى في الاختيار.. وكن شجاعاً في التطبيق.. لا تخجل من محاكاة الناجحين.. إنما العار كل العار أن تنتهي مدتك وأنت لم تقدم شيئاً يستحق أن يقال عنه إنجاز حل مشكلة متأزمة.