سعد بن عبدالقادر القويعي
يبدو أن موسم تساقط الجنرالات الإيرانيين، قد بدأ على ساحة القتال في سوريا؛ فإلى جانب خسائرها - المادية والعسكرية - للدولة الإيرانية، تبقى خسارتها الأكبر في مقتل العديد من جنرالاتها العسكريين المدربين تدريباً عالياً. وهو ما تشير إليه التقارير، بأن تزايد خسائر إيران من الضباط - ذوي الرواتب العالية - في المعارك ضد مقاتلي المعارضة السورية، بلغت خسائرها في سوريا - خلال الأشهر الأخيرة - نحو خمس مئة عسكري، بينهم - نحو - ثلاثين من القادة رفيعي المستوى، وذلك بحسب وسائل إعلام إيرانية، وأخرى تابعة للمعارضة السورية. كما تحدثت وسائل إعلام إيرانية رسمية، وشبه رسمية عن تزايد خسائر إيران من الضباط الإيرانيين - رفيعي المستوى -، الذين قتلوا في المعارك إلى جانب النظام السوري منذ عام 2013م، واعترفت طهران بمقتل أكثر من تسعة جنرالات، - فضلاً - عن المئات من العسكريين.
منذ عام 2011 م، بدأت طهران بإمداد دمشق بالمال، والرجال، والسلاح. وقد برز تدخلها بشكل رئيس - منذ صيف 2012 م -، حين بدأت كتائب المعارضة تطبق على - العاصمة - دمشق، وظهور علامات تضعضع شبكة النظام - العسكرية والأمنية -، مما استدعى تدخل إيران المباشر في المشهد الميداني في سوريا. أما على الصعيد المادي، فقد أفادت تقارير صادرة عن الأمم المتحدة، بأن إيران تنفق ما لا يقل عن 6 مليارات دولار سنوياً؛ لدعم حكومة الأسد، بل إن إيران تنفق في سبيل دعم النظام السوري - نحو - 35 مليار دولار سنوياً على شكل مساعدات مالية، وأخرى عسكرية حسب صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية. وتفيد المعلومات عن تخصيص طهران ميزانية ثابتة، يجري صرفها باسم نظام دمشق.
الدور المماثل الذي لا يحتاج إلى تأكيد، هو أن إيران تشرف بنفسها على ترتيب المشهد الميداني في سوريا - تخطيطًا وتنفيذًا -، باعتبار أن مراهنة النظام الإيراني على سوريا، وعلى حكم بشار الأسد مراهنة إستراتيجية؛ لكن يبدو أن الرياح لا تجري - دائماً - كما تشتهي السفن؛ فالخسائر الفادحة البشرية التي لحقت بإيران، وجنرالاتها بعد مجيء روسيا إلى المنطقة، هي نتيجة حتمية تبشّر بعدم نجاعة النظام الإيراني في علاج مأزقه في سوريا.
من حيث المعنى، والمغزى، يشكل تزايد عدد قتلى الجنرالات الإيرانيين مزيداً من تكلفة الحرب على إيران؛ فمجهودها الحربي من المال، والعتاد الذي تقدّمه لنظام الأسد، سيؤثّر على اقتصادها بشكل سلبي، - إضافة - إلى خسائرها البشرية، والذي يبدو تأثيرها أكبر، والذي سيدفعها - في نهاية الأمر - إلى مراجعة مواقفها على الأرض. ولهذه الغايات، وحتى قبل ذلك، فإن نظام الملالي وقع في ورطة كبيرة في سوريا، حيث إنه - من جهة - مُني بخسائر كبيرة، وهزائم لا يستطيع تحملّها، - ومن جهة أخرى - لا يستطيع الخروج من هذه الورطة؛ بسبب الرهان الإستراتيجي، الذي تمثّله سوريا لنظام ولاية الفقيه.