سعد بن عبدالقادر القويعي
عندما يعرب - وزير الخارجية السعودي - عادل الجبير، خلال كلمته ضمن مؤتمر « حوار المنامة « الأمني الإقليمي السنوي، الذي عقد في دولة مملكة البحرين - قبل أيَّام - ، عن أمله بـ: « أن الأزمة المندلعة في اليمن؛ جراء الانقلاب الذي نفذه الحوثيون، - والرئيس اليمني المخلوع - علي عبد الله صالح دخلت مرحلتها الأخيرة، بعد سلسلة الانتصارات التي حققها التحالف العربي «، فهو يعبّر عن دعم دول المنطقة لحق الشعب اليمني ببناء مستقبله بالحوار، بعيدا عن تهديدات القوة التي اعتقدت مليشيات الحوثي وصالح أن بإمكانهم أن يفرضوا خياراتهم العبثية على الشعب اليمني.
تصريح وزير الخارجية السعودية، جاء ليؤكد وقوف إرادة دول التحالف العربي إلى جانب إرادة الشعب اليمني، الذي عملت كل قواه الوطنية بمختلف انتماءاتها السياسية، ومشاربها الفكرية، وبكل جهودها لإنجاح الحوار الوطني، وإعادة أسلحة الجيش اليمني التي تم السيطرة عليها بالقوة، والعمل على دعم استمرار العملية السياسية السلمية؛ من أجل تحقيق الانفراج للأزمة اليمنية، وإنهائها - تماماً - ، ومن ثم التقدم نحو المستقبل بروح الشراكة الوطنية.
الحق، أن الديبلوماسية الخليجية العربية أعادت الثقة إلى المواطن العربي، من خلال انتصارها للقضية اليمنية، بعد أن جاءت المليشيات المسلحة لتنقلب على مخرجات الإجماع الوطني. بل إن الروح الإيجابية للعملية التي قامت بها دول مجلس التحالف العربي، وأهدافها، وحجمها، وأساليبها، أكد على الموقف الجديد من العمل العربي المشترك، والذي أسس لمرحلة جديدة من الحرب على الاختلاف، والفرقة، وفتح العالم العربي على مصراعيه؛ للتصدي لعبث دول إقليمية سعت - مع الأسف - إلى فرض حساباتها على حساب الأمن القومي العربي.
إن الحرب الراهنة في اليمن، يتوقف عليها مسار التوازن الإقليمي، كونه صراعا إقليميا متعدد الأبعاد. وعليه فإنَّ انتصار قوات التحالف العربي في اليمن، هو انتصار لكل العرب على المشروع الفارسي البغيض، ومشروع الفوضى الخلاقة القبيح في المنطقة، - باعتبار - أن نجاح أهداف التحالف، يعني ترسيخ استقلالية أمن الخليج عن الضمانة الأمريكية، وقطع الذرائع الإيرانية في اليمن، وسحب أذرعها في دول أخرى كالعراق، وسوريا، ولبنان. ولن أبالغ حين أقول: إن تحرير اليمن كان بداية مبكرة لفرصة بناء نظام أمن قومي عربي، - سواء - على مستوى النظام العربي - برمته - ، أو على مستوى نظام عربي فرعي في الخليج، أو في المشرق، أو في المغرب.
ستنتهي هذه العملية بنجاح كبير، وبانتصار حاسم لقوات التحالف - بإذن الله - ، بعد أن توافرت المبررات الأخلاقية، والسياسية للتدخل في اليمن، وهو ما عبّر عنه - الدكتور - معنز سلامة، إِذْ لم يكن الهدف الأساس الذي اندفعت منه الحرب، هو - فقط - وقف تمدد إيران، والهلال الشيعي البحري المطوق للخليج من ثلاثة جوانب، وإكمال الجمهورية الإيرانية احتلالها عاصمة عربية رابعة، وإنما - أيضاً - الخوف على بلد عربي شقيق من الدخول في أنفاق، ودهاليز الفرقة، والتطاحن الداخلي، والحرب الأهلية بين الشمال، والجنوب، والشرعية، واللاشرعية. وفقدان العرب لهذا الموقع الاستراتيجي الذي تمثله اليمن، بإضافة نكبة جديدة إلى النكبات العربية. وهو مسار كان من الممكن أن يفرض ذاته على اليمن لسنين طويلة، وينتهي إلى فرض أمر واقع، وأوضاع من التقسيم. ولذلك كان التدخل من جانب قوات التحالف اختصارا للوقت، ودرءا لاحتمال ضياع عمر الدولة، والمجتمع اليمني في كوارث، وحروب لا تنتهي.