سعد بن عبدالقادر القويعي
بلغة الأرقام، أشار تقرير -الكاتب- ديفيد بولوك، وهو زميل معهد واشنطن، ومدير منتدى فكرة الأمريكي، وذلك في معرض تعليقه على نتائج استطلاع رأي أجري في المملكة -سبتمبر الماضي-، وأعلنت نتائجه، بأنه على الرغم من الادعاءات الإعلامية المهيجة لتنظيم داعش الإرهابي، القائلة: «إن الجماعة تمثل المسلمين السنّة، ما زال التنظيم لا يلقى أي دعم شعبي في المملكة»؛ فكانت نتائج الدراسة مفاجئة للأمريكيين قبل غيرهم - وفقًا لخبير معهد واشنطن لدراسات الشرق -، حين أظهرت أن الشعب السعودي ينظر نظرة سلبية جدًا تجاه مختلف التنظيمات الإرهابية.
ليس بالإمكان تأييد القتل الجماعي، أو نحر الرقاب، أو تسديد الرصاص على الرؤوس بدم بارد، وغيرها الكثير من النشاطات الإرهابية، والإجرامية المنظمة، التي يتم تسجيلها، وبثها فيما بعد عبر وسائل مواقع التواصل الاجتماعي؛ كونها تمثل أدوات حرب؛ لترويع المدنيين الآمنين، وترسيخ نشر خطاب الكراهية بين الناس؛ فشوّه - مع الأسف - صورة الإسلام في العالم، وأتاح الفرصة للدول الغربية أن تثبت ما تدعيه من دموية الإسلام، والمسلمين.
إن مستوى الوحشية الصارخ، ونشر لغة الكراهية اللا أخلاقية، وزرع التطرف، وإلغاء الآخر؛ من أجل إنتاج قنابل بشرية هدفها التدمير، والقتل، يدعونا إلى وجوب مقاومة الأصل الفكري لتلك التيارات التكفيرية، وأذرعها الأيديولوجية، وذلك من خلال نشر المنهج الشرعي الصحيح، والتأكيد على أهمية تعزيز الإسلام المعتدل، بعيدًا عن التشدد، والتعصب، وعن التفسيرات الخاطئة للدين؛ حتى تصب النتائج الإيجابية في مصلحة الدول المدنية، ولتتطلع إلى تحقيق مشروع النهضة العربي بأبعاده الإِنساني، والديمقراطي، والبيئي، والقانوني.
اليوم، تواجهنا الحقيقة؛ لتكشف عن الزيف - كله -، عندما لم يتكاتف المجتمع الدولي على منع تدفق المقاتلين الأجانب من دول الجوار، ووقف تدفق الأموال لتنظيم داعش، والجماعات المتطرفة الأخرى، ورفض آيديولوجيات الكراهية لدى تلك الجماعات الإرهابية، والتقاعس عن محاسبة المسؤولين عن ارتكاب الفظائع، ووضع نهاية لتهربهم من القانون؛ فكانت النتيجة أن صدرت قائمة الحوادث الإرهابية لعام 2015 م، كأحد أكثر الأعوام دموية، وانتشارًا جغرافيًا شمل دولاً في جميع أنحاء العالم.
إن تجفيف منابع الإرهاب، وتفكيك بنيته المشؤومة عبر خلق رفض شعبي للتنظيمات الإرهابية، وكشف حقيقتها للعالم، هو السلاح الأقوى للقضاء على الفكر الإرهابي. وهذا ما عملت عليه السعودية ببثها وسائل إيجابية لتقوية الخطاب المضاد للإرهاب، وبذلها - أيضًا - جهودًا مضاعفة لإظهار صورة الإسلام السمحة، ورفضها اختطاف هذه الصورة من قبل التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
وفي المقابل، عملت على كشف زيف تلك التنظيمات، من خلال التصدي لخطابها، وعزلها بوسائل فعالة، وموحدة، وتقويض التوجه نحو فكرها، ودعم الأصوات الموثوقة، والحقيقية ضد كل ما هو إرهابي.