حمد بن عبدالله القاضي
كنت إلى ما قبل سنوات قليلة من الداعمين بل والمتحمسين إلى تغيير ((الحقائب الوزارية)) تحديداً.
الآن وجدتني مع نظرية الاستقرار بالعمل - والإبقاء على القياديين كالوزراء ونوابهم ومحافظي الهيئات - فترة كافية ما عدا حالات قليلة سأوضحها لاحقا.
إن أي مسؤول جديد يتولى أي عمل يحتاج لوقت كاف ما بالك بوزير أو قيادي يدير منظومة متكاملة لا بد له لمزيد من الوقت ، بل والتأني لمعرفة مسؤوليات جهته أولاً ومراجعة خدماتها والتناغم مع من يعملون معه والنظر فيما قدمه سلفه ثم التخطيط فضلاً عن إنجاز العمل اليومي الكثير والمعتاد ثم بدء خطوات التغيير والتجديد.
إنه من الطبيعي أن تحتاج هذه المرحلة ماعدا الأعمال اليومية المعتادة إلى شيء من الوقت والتخطيط ثم تبدأ خطوات التنفيذ واتخاذ القرارات وتغيير ما يتطلب تغييره.
إن حكاية الوعد بـ(100) يوماً أو أقل أو أكثر هي أماني للمسؤول أول ما يمسك بدفة العمل لكن عندما يخوض معمعته يجد أن «حساب الصندوق
لا ينطبق على السوق» كما يقول المثل ويدرك أن المسألة لا تحتاج إلى أيام معدودات بل إلى أشهر وسنوات.
إن الإشكالية هنا أن كثيراً من المواطنين يريدون تنفيذ ما يريدون خلال مدد وجيزة وهذا مطلب جميل لكن ذلك لا يمكن أن يتم، والمسؤول هنا يكون محرجاً أمامهم لكن لو حاول تحقيق ذلك دون تخطيط ووقت كاف فإنه - من المؤكد - لن يحقق شيئاً ولو نفذ أمراً دون تأنٍ ودون نظرة عميقة لجميع الأبعاد فإن الفشل سيكون هو الحصاد لأي قرار أو مشروع
من هنا أرى أن يعطى المسؤول القيادي وزيراً أونائباً أو رئيساً أو محافظاً فترة كافية لكي يدرس ويخطط ويذلل العقبات ثم يبدأ التنفيذ إلخ.. وهذا يحتاج لمزيد من الوقت وإذا كان يسير على النهج الصحيح فعلينا الانتظار ولو لم تظهر النتائج سريعاً.
لقد لاحظنا أن الوزراء والقياديين الذين بقوا فترة أطول - إلا ما ندر -شعروا بالاستقرار لمعرفتهم بوجود وقت لديهم للعطاء المتقن بدلاً من السرعة بالعطاء التي قد تكون مخلة ومن هنا فإن جهاتهم أنتجت وأنجزت والوطن والمواطن حصد ثمرات عملهم.
أما التغيير السريع فإن نتيجته عدم الاستقرار بل يجعل المسؤول بعجلة من الأمر وهنا لا ينجز عملاً يبقى ، ولا خططاً تنفع ، ولا قراراً ينفذ.
أرى أن المسؤول الذي تبدو منه تباشير التخطيط والإخلاص والإنجاز يجب أن يبقى ويعطى السنوات الكافية التي يستطيع من خلالها أن يثمر جهده ، ويكمل ما خطط له وبدأه من مشروعات ، أما سرعة التغيير فهو -فعلاً - تأتي بمسؤول جديد لكنه يبدأ من الصفر لكن لو بقي الأول لأكمل ما خطط وبدأ بتنفيذه مع فريق عمله.
تبقى بعض الحالات التي يلزم التغيير فيها عندما يظهر عدم قدرة المسؤول الجديد فإنه هنا يجب ألا يبقى ولا داعي أن ينهي الفترة التي تكون بالغالب ((أربع سنوات)) فهذا يضر بالمواطن والوطن ، بل عليه أن يرحل عن((الكرسي)) الذي اختير له دون الانتظار لدورة وزارية جديدة.
إن ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله عندما يختار مسؤولاً لمنصب سواء كان وزيراً أو غيره فإنه يجتهد باختيار ما يراه الأنسب والأكفأ لكنه لا يعلم ماذا عنه إذا تولى المسؤولية وهذا يتجلى عند ممارسته للعمل فإن اتضحت قدرته بقي وإن لم يكن فولي الأمر يتخذ ما يراه بمصلحة الوطن والمواطن.
يبقى دورنا نحن كمواطنين أن ننتظر ولا نستعجل المسؤول لنحصد الثمرة قبل نضوجها وعلينا ألا نكثر اللوم على المسؤول في بداية عمله ونلح عليه باستعجال التنفيذ لأن المخرجات هنا لن تكون مجدية أو نافعة.
لندرك أن المسؤولية كبيرة وأن التنظير شيء والتنفيذ شيء آخر.