رجاء العتيبي
في كل مرة نراهن على وعي المجتمع، ونؤكد ـ باستمرار ـ أن (اهتماماته) هي التي تصنع القرارات، ذلك أن التغيير الإيجابي يبدأ من الأعلى للأسفل، ما يجعل (صناعة) الأسرة الواعية أمراً لا يوازيه أهمية سوى الحاجات الأساسية لها، مثل: الأكل والسكن والأمان.
جاء قرار إنشاء (هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة) استجابة للحراك الواسع الذي شهده المجتمع السعودي خلال السنوات الخمس الماضية حول مفاهيم المنشآت الصغيرة/ المتناهية الصغر، المتوسطة، وريادة الأعمال والابتكار. صحيح أن القرار جاء استجابة لوعي المجتمع بهذا المجال، و(لكن) هذه المعادلة التي رأيناها على أرض الواقع، تحتاج إلى بعض النقاش طمعا في إنضاج القرار أكثر، لتكون نتائجه دقيقة وواضحة ويمكن قياسها، بعيدا عن الخلط في المصطلحات، والمفاهيم، ووجهات النظر، ذلك أن المختصين في مجال ريادة الأعمال يميزون بوضوح بين مصطلح (المنشآت الصغيرة والمتوسطة) وبين (ريادة الأعمال) وهذا التمييز ليس له ما يقابله في هذا القرار الذي احتفى به الكثير دون أن يأخذ في (صناعته) شيئا من الحوار والنقاش والبحث.
لهذا لا نتوقع أن تحتفي هذه الهيئة الوليدة بمؤسسات ريادة الأعمال (كما ينبغي لها أن تكون)، وإن احتفت سيكون احتفاء جزئياً ضمن احتفائها ـ الواسع ـ بالمؤسسات التقليدية ذات المخاطرة الأقل والأفكار المكررة والزبون الجاهز، حيث نتوقع لهذه الهيئة بمسماها المعتمد أن تنظم قطاعا عريضا من المؤسسات بعضها معني بريادة الأعمال وبعضها لا يعلم عنها شيئا.
منطقة الريادة منطقة مختلفة: بمؤسساتها وأفكارها ومنهجها ورموزها ومخاطرها وزبائنها وأرباحها السريعة والكبيرة, عالم آخر له طريقته الخاصة في نمو الاقتصاد وتوليد الوظائف، إنها مؤسسات فريدة تقود السوق، وتغير السلوك الاجتماعي وتقابل حاجات المجتمع الجديدة، كما فعلت: تويتر، وفيسبوك، وسناب تشات... إلخ.
ولأن المجتمع وبعض من العاملين في مجال الريادة لا يميزون مفهوم ريادة الأعمال عن مفهوم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، جاء قرار إنشاء الهيئة بهذا المسمى الذي ظهر به، دون الإشارة بشكل صريح لريادة الأعمال، ما يجعلنا نقترح إنشاء هيئة أخرى مستقلة بمسمى (هيئة الابتكار وريادة الأعمال) وكل هيئة تنظم قطاعها وفق مفاهيمها الصحيحة.