رجاء العتيبي
باتت العودة للمربع الأول هو الخيار الأقرب للفرقاء في الشأن السوري، والمربع الأول يعني بقاء الأسد ونظامه بشكل مؤقت حتى الانتقال السلمي للسلطة، فيما يتم (تنظيف) الأراضي السورية من الدخلاء والمتطفلين على ترابها، أما المعارضة السورية فيتم دمجها في المرحلة السياسية والعسكرية الجديدة.
هكذا يبدو المشهد السوري على الأقل في الوقت الراهن، ويتأكد ذلك بدخول روسيا بشكل مباشر في سوريا، فهي الأقرب للقيام بهذه المهمة وجاءت - في تقديري - من نظرية إذا أردت السلام ابدأ الحرب، لأنّ اللاعبين السابقين لا يمكن أن يفعلوا ذلك وهم الذين حاربوا الأسد ونظامه بصورة مباشرة، وكذلك لن يفعل الذين يدعمون موقف المعارضة والشعب السوري، فليس من المنطق وبعد كل هذه التضحيات أن يبادر هؤلاء بالعودة للمربع الأول حتى ولو كانت مخرجاً للأزمة السورية، لذلك جاءت روسيا لتقوم بهذا الدور لعدة اعتبارات من أهمها علاقتها القديمة بالنظام السوري، وباعتباره دوراً متوقعاً تقوم به روسيا اتجاه حليفتها لا يستغربه العالم.
الهدف الإستراتيجي للعودة للمربع الأول يأتي في الحفاظ على الجيش السوري من الانهيار، وبانهياره تدخل المنطقة في فوضى عارمة، تشبه فوضى العراق، وإذا ما حدثت فوضى سياسية وعسكرية ابحث ساعتها عن حل فلن تجد، فليس أمامك سوى أمراء حرب، وتدخلات خارجية، وحروب بالوكالة، وطوائف متصارعة، والمنطقة لا تحتمل أكثر من ذلك، يكفي العراق ولبنان.
هناك عائقان للوصول للمربع الأول: الأول مكوث الأسد حتى نهاية ولايته، أمر لا يطيقه السوريون بمختلف شرائحهم، ويمثل إهانة لكل قطرة دم سفكها من 250 ألف ضحية، وكذلك الحال للجيش الذي نفّذ تعاليم قائده ورمى بالبراميل المتفجرة على الأحياء السكنية وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها، وجيش هذا فعله كيف له أن يبقى مدافعاً على الشعب السوري.
العائق الثاني: إذا رحل الأسد وفقاً لاستراتيجية المربع الأول، سيبقى حرسه القديم مسيطرين على القرارات العليا، ما يجعل تضحيات الشعب السوري لا قيمة لها، وستبقى قيادات المعارضة السورية بلا قرار أعلى، وكأنك (يا بو زيد ما غزيت)، وسيقف الجيش السوري متحزباً كما كان خوفاً من الانتقام.
الطريق باتجاه المربع الأول ليس سهلاً، فهو الحل (الأكثر مرارة) للذين يرونه مخرجاً، وهو منطقة صراع (جديد) للذين يريدون (حصصاً) في سوريا الجديدة، كإيران، وداعش، وإسرائيل والأكراد، وهنا تصبح سوريا داخل شبكة معقدة من (الحلول) كأعقد أزمة عرفها التاريخ.